بدأ التعليم العالي والدراسات العليا في العراق مبكرًا، من خلال اعتماد برامج مدروسة لفتح المدارس العالية مثل مدرسة المعلمين والطب والحقوق والهندسة والتي تحولت إلى الكليات المناظرة، ثم تلى ذلك إرسال الطلبة المتفوقين في بعثات دراسية إلى خارج العراق (أوروبا الغربية وأمريكا خاصة) وفق ضوابط علمية مهنية تعتمد الكفاءة أولًا وحاجة البلد ث...
قراءة الكل
بدأ التعليم العالي والدراسات العليا في العراق مبكرًا، من خلال اعتماد برامج مدروسة لفتح المدارس العالية مثل مدرسة المعلمين والطب والحقوق والهندسة والتي تحولت إلى الكليات المناظرة، ثم تلى ذلك إرسال الطلبة المتفوقين في بعثات دراسية إلى خارج العراق (أوروبا الغربية وأمريكا خاصة) وفق ضوابط علمية مهنية تعتمد الكفاءة أولًا وحاجة البلد ثانيًا. عاد هؤلاء الطلبة المُبتعثين، كفاءات علمية رصينة ليسهموا في بناء المؤسسات التعليمية والبحثية والإنتاجية والتخطيطية والفنية ورسم السياسة المستقبلية، ليشهد النصف الثاني من القرن الماضي ذروة العطاء العلمي والثقافي والفني والاداري والخدمي والتخطيط الحضري، مما أسهم لاحقًا في إيجاد البيئة العلمية المناسبة لفتح الكليات والاقسام والدراسات العليا في جامعة بغداد (الجامعة الأم التي أُسست لاحقًا) والتي ساهمت في فتح جامعات اخرى وفق المتطلبات والشروط اللازمة لذلك. ويستعرض الكاتب في هذه الرسالة أهم ملامح وواقع التعليم والدراسات العليا في الداخل والخارج، وأسباب انخفاض مستوى الدراسات العليا والتعليم عمومًا الذي بدأت تظهر ملامحه منذ الربع الأخير من القرن الماضي وإلى اليوم، مشيرًا إلى الأسباب العلمية الأكاديمية والعوامل المحيطة التي أدت إلى ذلك، ثم يحاول طرح رؤى مركزة عن أهم المعالجات الواجب إجراؤها، وكيفية التنادي السريع لمعالجة هذا الواقع، الذي يراه واجبًا دينيا ووطنيًا وإنسانيًا، بوصفه حقًا علينا للأجيال القادمة، إذ لا يمكن أن نكون ممن شهد النهضة العلمية ومن ثُمَ انحسارها، من غير أن نسعى إلى التغيير الإيجابي ومعالجة الخلل، لاسيما أنه يعد الأساس والمقدمة المنطقية لكل تغيير مطلوب في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية نحو بناء عراق مزدهر.