في عمله هذا يأخذنا "فهد المصبح" في دهاليز الزمن القديم، زمن الحارة بكل مكوناتها، الرجال، النساء، الأطفال، الحمير، الدكان والباعة، المزارع، كلها تظهر عارية أمامنا، نستنشق رائحتها، نتلمس سمر لياليها ونسمع ضجيج نهاراتها ...يظهر "شبيب" هذا الطفل غريب الأطوار، الذي أحب الكلاب لدرجة النوم معها في الحفرة، ووصل به أن تجرد من جميع ملابسه...
قراءة الكل
في عمله هذا يأخذنا "فهد المصبح" في دهاليز الزمن القديم، زمن الحارة بكل مكوناتها، الرجال، النساء، الأطفال، الحمير، الدكان والباعة، المزارع، كلها تظهر عارية أمامنا، نستنشق رائحتها، نتلمس سمر لياليها ونسمع ضجيج نهاراتها ...يظهر "شبيب" هذا الطفل غريب الأطوار، الذي أحب الكلاب لدرجة النوم معها في الحفرة، ووصل به أن تجرد من جميع ملابسه ومشى على أربعة متمنياً لو يستطيع تبادل الحديث مع الكلاب، وتحديداً كلبته "الحجول".تعدّد الشخصيات في هذه الحارة "حارة الغراوي" ومنهم أبو صالح زكرتي الحارة، وشافي شيخ الحمارة، وعلي الدوار صاحب الدكان، ومرعب الديك الشاعر، وماجد النشمي، ومنور المرأة اللعوب.تتوالى الأحداث في الرواية حتى يحل وباء الطاعون على أهل الحارة فيتوفى جميع أفراد أسرة "شبيب" فيدخل الطفل في وصاية أهل الحارة. يقول الراوي: "وتظل حارة الغراوي بأرضها المتربة وأزقتها الضيقة ثرية بالتناقضات من الطيبة والحسد والإقدام والتردد، بين رهافة حس وتبلد لا مبالٍ، في زمن منسي تُرك في ركن هامشي من الذاكرة لأشخاص رسموا لأنفسهم البسمة، ليبقى اليوم غير الأمس الذي ولى وجهه شطر الإهمال بذاكرة مفقودة وحضور طاغٍ، مكتفين بالستر الذي تخلخلت أركانه في دار تضم ما يفوق التكهن، فركبتهم موجة غضب لاقتلاعه حفاظاً على شرف الحارة، رغم وجود رجال وجدوا في عمل عيسى جميلاً للم شمل شبيب بعد هذا الضياع الذي قد يولد ما هو أكثر، على أن يبقى الحذر سلطان يرجونه من عجوز ينام على دابته وهي عائدة به من الحقل، وكثيراً ما يسقط منها فيشبعها ضرباً يئن له جسداهما طول الليل".