من البقاع والأمكنة التي فضلهما لمكانتهما الرفيعة وخصهما بخصائص عظيمة مكة المكرمة والمدينة المنورة منبع لوحي، ومهد الرسالة، ومنطلق الدعوة الذي لا يجهل فضلهما ومكانتهما أحد من المسلمين، فقد ذكرهما القرآن الكريم في سور كثيرة، حيث عظم الله شعائرهما وحرماتهما، وزخرت السنة النبوية بذلك.وإن بلدين كمكة والمدينة لجدير أن تجمع أحكامهما وخ...
قراءة الكل
من البقاع والأمكنة التي فضلهما لمكانتهما الرفيعة وخصهما بخصائص عظيمة مكة المكرمة والمدينة المنورة منبع لوحي، ومهد الرسالة، ومنطلق الدعوة الذي لا يجهل فضلهما ومكانتهما أحد من المسلمين، فقد ذكرهما القرآن الكريم في سور كثيرة، حيث عظم الله شعائرهما وحرماتهما، وزخرت السنة النبوية بذلك.وإن بلدين كمكة والمدينة لجدير أن تجمع أحكامهما وخصائصهما في مصنف واحد تعظيماً لحركاتهما وليكون مرجعاً يستفاد منه، وتحت عنوان: (أحكام وخصائص الحرمين المكي والمدني في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة) كان موضوع هذه الرسالة، حيث اشتملت على مقدمة وأسباب اختيار الدراسة، والصعوبات التي واجهت الباحث، ومنهج الدراسة، وخطة الدراسة، وباب تمهيدي، وخمسة أبواب رئيسة.الباب التمهيدي: يتضمن خمسة فصول، اشتملت على مباحث، ومطالب وفروع، تكلم فيها الدارس عن مراحل عمارة الكعبة والمسجد الحرام منذ العصور القديمة الأولى، ثم ما ورد في القرآن والسنة من رفع قواعد البيت الحرام في عهد إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام. ثم أوضح الباحث قصة نبع ماء زمزم وتحته تفصيلات عديدة من حيث ظهوره وموقعه، والعيون الموجودة فيه، واختفاؤه زمن جرهم، ثم حفره أيام عبد المطلب ونذره إياه، وأسماء ماء زمزم وعمره منذ ظهوره.ثم تناول الباحث شبهات المستشرقين حول عدم معرفة العرب بالفن المعماري قبل الإسلام، والرد على افتراءاتهم من خلال آيات القرآن الكريم وغيره.ثم تناول الباحث عمارة الكعبة والمسجد الحرام من عهد قريش وبمشاركة الرسول صلى الله عليه وسلم قبل بعثته إلى عهد حكومة المملكة العربية السعودية، وما تخلل بينهما من زيادات بناء الخلفاء الراشدين، ثم في العصر الأموي والعباسي والعثماني، وتطرق الباحث إلى كسوة الكعبة وسدانتها قبل وبعد الإسلام، والبدع التي تعلقت به لفترة ليست بالقصيرة كبدعة العروة الوثقى، وسرة الدنيا، والمقامات الأربعة، وقد امتدت الدراسة فشملت تأسيس المسجد النبوي في عهده صلى الله عليه وسلم ومشاركته فيه، وما تلا ذلك من زيادات في عهد الخلفاء، والعصر الأموي، والعباسي، والعثماني، ثم ما قامت به أخيراً حكومة "المملكة العربية السعودية من توسعات عديدة نالت إعجاب المسلمين.أما الباب الأول: أحكام استقبال القبلة، فقد اشتمل على ستة فصول، تحت كل فصل مباحث ومطالب وفروع، وهو يتحدث عن تعريف القبلة، والحكمة منها، ومشروعيتها، ووسطية الأمة الإسلامية، واستقبال الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه بيت المقدس، وقت تحويلها إلى الكعبة، وأول صلاة صلاها إلى الكعبة بعد نسخ التوجه نحو بيت المقدس، كما تكلم الباحث عن العلاقة بين المقدسات الإسلامية الثلاثة: مكة والمدينة والقدس، وارتباطها بعقيدة المسلمين، ثم حكم المصلي المشاهد للكعبة والغائب عنها، والصلاة حال استدبارها، وكذا تحدث الباحث عن أسباب سقوط القبلة حال الخوف والعجز والتنفل على الراحلة أثناء السفر، بالإضافة إلى تناول حكم الصلاة بالاجتهاد عند خفاء دلائلها من المحاريب الإسلامية، والاستدلال بالشمس والقمر والنجوم وغير ذلك من الآلات الحديثة، ثم تطرق الباحث إلى إثبات أن الكعبة وسط العالم للأرض اليابسة مستدلاً بالدراسات القديمة والحديثة على ذلك، وأخيراً أقوال الفقهاء بالنهي عن استقبالها واستدبارها ببول أو غائط عند قضاء الحاجة.وأما الباب الثاني: أحكام وفضائل الأعمال الخاصة بالكعبة: فهو يحتوي على ثلاثة فصول، وكل فصل يشتمل على عدد من المباحث والمطالب، متناولاً فيه الباحث أحكام الصلاة داخل وفوق الكعبة، وآداب دخولها، وهل الصلاة إلى بناء الكعبة. مع ذكر المواضع التي كان يصلي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تناول موضوع الحجر هل هو من الكعبة، وفضل الصلاة والدعاء فيه. وفي هذا الباب تطرق الباحث إلى حكم المرور أثناء الطواف بالبيت الحرام أمام المصلي، وتحديد مكان الطواف والطهارة فيه.ثم معرفة الأحكام الفقهية المتعلقة بماء زمزم، من حيث الشرب منه عند أداء مناسك الحج، أو العمرة، وعند توديع البيت الحرام، وآداب الشرب منه، واستحباب الوضوء والاغتسال به، وحمله إلى الآفاق، ثم ذكر بعض خصائص ماء زمزم، كونه ظهر استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام، وهو عين من عيون الجنة، قد غسل به قلب الرسول صلى الله عليه وسلم، وبارك فيه بريقه الطاهر، وهو طعام وشفاء، وغير ذلك.أما الباب الثالث: أحكام المسجد الحرام فقد اشتمل على فصلين: فيهما عدد من المباحث والمطالب: حيث كان الحديث فيه عن تعريف الحرم وحدوده، وكونه أول مسجد وضع في الأرض، وما ورد فيه من آيات القرآن الكريم، وحكم مجاورته، والنذر بشد الرحال إليه، وما هو الفرق بينه وبين الحرم المدني وغيرهما؟ ثم فضل ومضاعفة الصلاة في المسجد الحرام، وكذا مضاعفة السيئات وعظم الإلحاد فيه.أما الباب الرابع: أحكام حرمة مكة في الفقه الإسلامي، فقد احتوى على أربعة فصول تحت كل فصل عدد من المباحث والمطالب، وقد تناول الباحث في هذا الباب تعريف مكة وموقعها الجغرافي، وأسماءها في القرآن الكريم، وأنها مركز الدعوة العالمية، وبلد الأمن والسلام، وحرمتها من حيث إقامة الحدود والقصاص بها، والقتل والقتال، وقتال البغاة بها، وحمل السلاح وتغليظ الدية، وحكم دخول المشركين حرك مكة وأرض الحجاز، وحمايتها من الدجال والطاعون، ثم تناول الباحث مشروعية تحريمها من الكتاب والسنة، وحكم صيدها، وقطع شجرها، ولقطتها، وبيع وتأجير منازلها، وقسمة أراضيها، ونقل ترابها وأحجارها، ثم معنى الخراج، وهل يلزم الخراج على مزارع مكة؟ ثم معرفة أرض العشر من أرض الخراج وبعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالخراج.أما الباب الخامس والأخير: أحكام الحرم المدني في الفقه الإسلامي فقد احتوى على ثلاثة فصول، وكل فصل اشتمل على مباحث ومطالب، وتحدث الباحث فيه: عن موقع الحرم المدني وحدوده وحرمته، والقتال فيه، وإقامة الحدود والقصاص فيه وصيده، وقطع شجره ولقطته، وحكم مجاورته، والموت به، وشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهلع، وإيذائهم، وحكم دخول الكفار إليه، وشد الرحال إليه، ومضاعفة الصلاة فيه.ثم تناول الباحث خصائص المسجد المدني، وهي الروضة الشريفة، ومنبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وحنين الجذع، ثم زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلة ذكر أسماء المدينة كما وردت في السنة، وإنحياز الإيمان إليها، والدعاء لها بالبركة في ثمارها، ثم ذكر بعض خصائص المدينة من حيث نفي خبثها، وحمايتها من الدجال، ومن الطاعون، وأخيراً الأماكن التي تزار كمقبرة، وجبل أحد مسجد قباء.قود ختمت هذه الرسالة بخاتمة وجيزة تضمنت أهم ما توصل إليه الباحث من أحكام وفوائد خلال استقرائه التام لهذا الجزء الهام من الفقه الإسلامي.