نبذة النيل والفرات:لماذا الحجاب؟ واقع أم وهم؟ أم عادة؟ حقيقة أم خيال؟ غاية أم وسيلة؟ تساؤلات تطرق آذان المجتمعات الإنسانية على اختلافها. تحركت لأجلها عقول المفكرين في مختلف الأزمنة، فنتج عن تلك الحركة فلسفات وفلسفات، تنطلق من خلالها عجلة الحياة مختلفة الاتجاهات، وكل حركة تكون موافقة لهذه الفلسفة أو لتلك الفلسفة. ولم تكن مثل تلك ...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:لماذا الحجاب؟ واقع أم وهم؟ أم عادة؟ حقيقة أم خيال؟ غاية أم وسيلة؟ تساؤلات تطرق آذان المجتمعات الإنسانية على اختلافها. تحركت لأجلها عقول المفكرين في مختلف الأزمنة، فنتج عن تلك الحركة فلسفات وفلسفات، تنطلق من خلالها عجلة الحياة مختلفة الاتجاهات، وكل حركة تكون موافقة لهذه الفلسفة أو لتلك الفلسفة. ولم تكن مثل تلك الفلسفات مقتصرة على المجتمعات المتدينة، أي التي تنطلق من رسالة سماوية في حركتها الحياتية؛ وإنما كانت تتنوع بتنوع المجتمع الإنساني على عموميته.وكانت فلسفة الحجاب تنبثق من الكيفية التي ينظر من خلالها المجتمع إلى المرأة. وهنا ينبغي التفريق بين نظريتين؛ أي بين نظرة الرجال إلى النساء، ونظرة النساء إلى أنفسهن. وفي إطار هذه النظرة، تنطلق فلسفة الحجاب وتتفق معها في الغالب الكيفية التي يتمثل بها هذا النوع أو ذاك من الحجاب.ضمن هذا الإطار يطرق المؤلف في بحثه هذا موضوع الحجاب طرقاً موضوعياً بالمعنيين الاصطلاحيين للكلمة. الأول هوهو الذي أسسه الشهيد محمد باقر الصدر في مسألة التفسير الموضوعي للقرآن الكريم؛ أي طرق الموضوع من الواقع الخارجي، ثم محاولة قراءة نص الحكم الشرعي على النتيجة، وبذلك يحاول المؤلف تفهم الحكم الشرعي من هذا الباب. وهذا لا يعني بالطبع تكييف الحكم الشرعي كيفما شاء، في محاولة تطويعه إلى نتيجة معينة، وإنما الهدف كما يشير الشهيد الصدر امتلاك صورة أشمل وأوسع للموضوع للتمكن من خلالها رؤية سعة الحكم الشرعي. وبعكس ذلك فإن الانطلاق، وكما هو السائد، من النص الشرعي أولاً، دون ملاحظة الواقع الخارجي الذي يتجلى فيه مصداق النص من عدمه، فإن ذلك يعني تقييد معرفة المجتهد بزاوية ضيقة جداً في فهم الرواية، وبالطبع فإن فهمه لهذا الحكم منوط بما يختزنه من معلومات في هذا الموضوع أو ذاك. أما انطلاقه من قراءة الواقع بالانفتاح على الواقع، وبالانفتاح على ما يحمله الواقع من متغيرات تحكم حركته، ومحاولة التفاعل مع هذه المتغيرات للتعرف على البعد الفاعل والمؤثر، أو التعرف على المعادلة الحقيقية التي تحكم كل من المتغيرات، والتي تسيّرها في إطار محدد،ـ فإن المجتهد باستطاعته حينها قراءة الحكم الشرعي بشمولية وواقعية أكبر.هذا المنهج الذي يسير عليه المؤلف في بحثه الذي تضمنه هذا الكتاب وذلك بغاية معالجة الاختلافات التي وصلت إلى مرحلة رَفَضَ البعض فيها أساس فكرة الحجاب. وضعف تأكيد البعض عليها، وآخرون ضعف التزامهم بها، وأما الغالب من الناس فهم يعيشون على قشور المسألة وهم غافلون عن لبها. وسوف يسير المؤلف أيضاً على طريق الموضوعية، بالمصطلح العام لها، والذي يشير إلى الحياد، وعدم التحيز إلى جهة من الجهات، بالإضافة إلى ذلك سيحاول المؤلف طرق المسألة طرقاً بحيث لا يمسّ به أية نتيجة مسبقة، ذلك لكي تكون النتيجة هي نتاج المقدمة.