قال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].جاء في مختصر تفسير ابن كثير للصابوني:"هَذَا مِنْ فَضْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَكَرَمِهِ، أَنَّهُ نَدَبَ عباده إلى دعائه، وتكفل لهم بالإجابة، قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: أُعْط...
قراءة الكل
قال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].جاء في مختصر تفسير ابن كثير للصابوني:"هَذَا مِنْ فَضْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَكَرَمِهِ، أَنَّهُ نَدَبَ عباده إلى دعائه، وتكفل لهم بالإجابة، قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: أُعْطِيَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ ثَلَاثًا لم تعطهن أمة قبلها إِلَّا نَبِيٌّ: كَانَ إِذَا أَرْسَلَ اللَّهُ نَبِيًّا قال له: أنت شاهد على أمتك، وجعلكم شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: لَيْسَ عَلَيْكَ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ، وَقَالَ لِهَذِهِ الأمة: ﴿ وما جعلكم عَلَيْكُمْ فِي الدين من حرج ﴾ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: ادْعُنِي أَسْتَجِبْ لَكَ، وَقَالَ لهذه الأمة: ﴿ ادعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾، وروى الإمام أحمد، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ" ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخرين ﴾ (رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن، وقال الترمذي: حسن صحيح)، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لَمْ يَدْعُ اللَّهَ عزَّ وجلَّ غَضِبَ عليه" (أخرجه الإمام أحمد، قال ابن كثير: إسناده لا بأس به)، وروى الحافظ الرامهرمزي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ، وَجَدْنَا فِي ذُؤَابَةِ سَيْفِهِ كِتَابًا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن لربكم في بقية أيام دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ فَتَعَرَّضُوا لَهُ، لَعَلَّ دَعْوَةً أَنْ توافق رحمة فيسعد صَاحِبُهَا سَعَادَةً لَا يَخْسَرُ بَعْدَهَا أَبَدًا"، وَقَوْلُهُ عزَّ وجلَّ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ﴾ أَيْ عَنْ دُعَائِي وَتَوْحِيدِي، ﴿ سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ أَيْ صَاغِرِينَ حقيرين، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يحشر المتكبرون يوم القيامة مثال الذَّرِّ فِي صُوَرِ النَّاسِ يَعْلُوهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الصَّغَارِ، حَتَّى يَدْخُلُوا سِجْنًا فِي جَهَنَّمَ يُقَالُ لَهُ (بُولَسُ) تَعْلُوهُمْ نَارُ الْأَنْيَارِ، يُسْقَوْنَ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ عُصَارَةِ أهل النار" (أخرجه الإمام أحمد عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده مرفوعاً). وقال وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ قَالَ: كُنْتُ أَسِيرُ ذَاتَ يَوْمٍ فِي أَرْضِ الرُّومِ، فَسَمِعْتُ هَاتِفًا مِنْ فَوْقِ رَأْسِ جَبَلٍ وَهُوَ يَقُولُ: يَا رَبِّ عَجِبْتُ لِمَنْ عَرَفَكَ كَيْفَ يَرْجُو أَحَدًا غَيْرَكَ، يَا رَبِّ عَجِبْتُ لِمَنْ عَرَفَكَ كَيْفَ يَطْلُبُ حَوَائِجَهُ إِلَى أَحَدٍ غَيْرِكَ، قَالَ: ثُمَّ عَادَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: يَا رَبِّ عَجِبْتُ لِمَنْ عَرَفَكَ كَيْفَ يَتَعَرَّضُ لِشَيْءٍ من سخطك يرضي غيرك، قَالَ، فَنَادَيْتُهُ: أَجِنِّيٌّ أَنْتَ أَمْ إِنْسِيٌّ؟ قَالَ: بل إنسي، اشغل نفسك مما يعنيك عما لا يعنيك (رواه ابن أبي حاتم) وفي الحديث: "من لم يسأل الله يغضب عليه" (أخرجه أحمد والبزار)" (مختصر تفسير ابن كثير (2/ 250)).وهذه الرسالة للأستاذ "صلاح عامر قمصان" تضم جملة من آداب وفقه الدعاء التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها عند دعاء الله عز وجل، ومنها استحباب الوضوء والدعاء بصالح الدعاء وعزم المسألة والحرص على الدعاء بالمأثور.. وغيرها من آداب الدعاء التي بينها الكاتب في رسالته وحث عليها.