هل مصر بلد عربي؟ بقدر ما يبدو هذا السؤال مفاجئًا، بقدر ما يبدو سخيفًا، بل وربما ساذجًا كذلك، لأن الإجابة عليه تبدو محسومة ولا يمكن الجدل فيها، فمصر عربية بالتأكيد، وهذه العروبة تثبتها وتؤكدها حقائق التاريخ والجغرافيا ومعطيات الدور الحضاري. تبدو الإجابة على هذا السؤال للوهلة الأولى سهلة إذًا، إلا أن هذه السهولة ليست- في واقع الأم...
قراءة الكل
هل مصر بلد عربي؟ بقدر ما يبدو هذا السؤال مفاجئًا، بقدر ما يبدو سخيفًا، بل وربما ساذجًا كذلك، لأن الإجابة عليه تبدو محسومة ولا يمكن الجدل فيها، فمصر عربية بالتأكيد، وهذه العروبة تثبتها وتؤكدها حقائق التاريخ والجغرافيا ومعطيات الدور الحضاري. تبدو الإجابة على هذا السؤال للوهلة الأولى سهلة إذًا، إلا أن هذه السهولة ليست- في واقع الأمر- سوى بداية مخادعة لطريق وعر، فمناقشة قضية كعروبة مصر ليست في كل الأحوال بسيطة إلى هذا الحد، ومن وراء السؤال الذي طرحناه في البداية، والذي تبدو إجابته أقرب إلى البديهيات والمسلمات، تتتابع أسئلة أخرى، هي بكل تأكيد أقل بساطة بكثير، وبالتالي تحتاج الإجابة عليها إلى بعض الجهد، ومن هذه الأسئلة: إذا كانت مصر عربية، فما هو مدى إدراك أهلها لعروبتهم تلك؟ وكيف تطور هذا الإدراك؟ وهل يتخذ هذا الإدراك- في حال وجوده- شكلًا سياسيًا أم هو يقتصر فقط على النواحي الإنسانية والأخلاقية؟ كيف يرى المصريون غيرهم من العرب؟ وكيف تطورت نظرتهم لهم على المستوى الفكري والنفسي؟ كيف يرى المصريون العلاقة بين العروبة كطرح قومي وبين الإسلام كرسالة دينية؟ وما علاقة هذا الأمر بالمحتوى العلماني للقومية الحديثة؟ وكيف يختلف الأمر إذا نظرنا إلى هذه الإشكالية من مرآة الأقباط المصريين بشكل خاص؟ في الواقع لا تقتصر الأسئلة التي يمكن طرحها في هذا الخصوص على ما سبق فقط، لأن للموضوع زوايا أخرى متعددة، وعلى سبيل المثال يمكن أن نتساءل: هل يختلف تقييمنا لوعي المصريين بعروبتهم، إذا ناقشنا الأمر من زاوية تعدد مستويات هذا الوعي "سلطة, نخبة فكرية, جماهير"؟ كما يمكن التساؤل أيضًا : ما هي العلاقة بين القومية والطبقة في مصر؟