الحمد لله المتفرد بالعزة والبقاء، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ سيدِ الأصفياءِ، وخاتَمِ الأنبياءِ. فلقد شهد العالم - ابتداء من النصف الثاني من القرن الماضي - تطوراً علمياً هائلاً في كافة مجالات الحياة تقريباً، ولعل أهم هذه التطورات، وأكثرها تأثيراً في حياتنا العملية هو اكتشاف الحاسوب، ومن ثم ظهور ما يسمى بشبكة الإنترنت حيث أدى...
قراءة الكل
الحمد لله المتفرد بالعزة والبقاء، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ سيدِ الأصفياءِ، وخاتَمِ الأنبياءِ. فلقد شهد العالم - ابتداء من النصف الثاني من القرن الماضي - تطوراً علمياً هائلاً في كافة مجالات الحياة تقريباً، ولعل أهم هذه التطورات، وأكثرها تأثيراً في حياتنا العملية هو اكتشاف الحاسوب، ومن ثم ظهور ما يسمى بشبكة الإنترنت حيث أدى ظهور الحاسوب وانتشاره إلى إحداث ثورة حقيقية في المعلومات، وبدأ الحديث عن مجتمع المعلومات وساد الاعتقاد بأننا على أعتاب حضارة جديدة تماماً تكون الغلبة فيها لمجتمع المعلومات كبديل للمجتمع الصناعي، ومجتمع المعلومات مجتمع يقوم على تحويل البيانات أو المعطيات وهي غير ملموسة من شكل إلى آخر بعد معالجتها بواسطة الحاسب الإلكتروني أو نقلها من مكان أو من شخص لآخر. ولم يكن القطاع المصرفي بمنأى عن هذا التطور فكان عليه أن يواكب هذه التغيرات التي أحدثتها ثورة المعلومات هذه؛ لأن البنوك هي من أهم المؤسسات في عصرنا الحاضر؛ لما لها من أهمية في تيسير دفّة الحياة الاقتصادية والاجتماعية في مجتمعاتنا المعاصرة فهي تستقبل الأموال، وتحفظها، وتنميها، وتستثمرها، وتحول من يحتاج إليها، وتبث الأمن والطمأنينة لدى من يتعامل معها من منظمات وأفراد. وبالفعل فقد استجابت البنوك لذلك وأخذت تعيد النظر في الدور التقليدي الذي كانت تقوم به في تعاملاتها منطلقة إلى تقديم خدماتها على نحو يتلاءم مع النمو المتزايد لوسائل الاتصال الحديثة، ومعتمدة على آليات جديدة في هذا الصدد، ومن هنا بدأ دور الكمبيوتر في الظهور في البنوك، وذلك سواء كان على مستوى علاقة البنوك بعملائها، أو مع بعضها البعض، أو حتى على مستوى التنظيم الداخلي لها، وذلك بما يمكن أن تكلفه هذه البنوك للأطراف التي تتعامل معها على أي من هذه المستويات من ظروف تعمل على راحتهم وتوفير الائتمان اللازم لهم، حيث قامت البنوك بإجراء العمليات المصرفية من خلال شبكات الاتصال الإلكترونية، ومن هذه العمليات عملية التحويل الإلكتروني للأموال - موضوع هذا البحث - حيث قام المتعاملون مع هذه البنوك باستخدام هذه العملية كبديل لوسائل الدفع التقليدي نظراً لارتفاع تكلفة هذه الأخيرة، وطول الفترة الزمنية التي تتم التسوية من خلالها بالإضافة إلى احتمال التزوير فيها، ولم يوجد تطور فني في الماضي أثر في نقل النقود- مثل ذلك التأثير الذي حققته هذه العملية - فمن خلال هذه العملية تتحول الأموال من قارة إلى أخرى في ثوان معدودة عن طريق إجراء القيود اللازمة، لذلك فهذه العملية أي عملية التحويل الإلكتروني للأموال هي في حقيقتها نتيجة للتطور التكنولوجي المستمر، والذي زادت وتيرته خلال السنوات الأخيرة بسبب الاتساع الكبير لشبكة الإنترنت.