يعد العلم من موضوعات النحو التي استأثرت بعناية علماء العربية، فقد وضعوا فيه مباحث تغني الدارس، وكان في نفسي ميل شديد لدراسة النحو، لا سيما العلم لما فيه من دراسة طريفة وحيوية، بعد ذلك طفت أتحرى هذا الموضوع في مظانه وأجوب في مصادره لألم بكل ما يحيط به، وبعد هذا التحري وجدت أن مباحث العلم مبثوثة في كتب النحو واللغة، وفي أماكن متعد...
قراءة الكل
يعد العلم من موضوعات النحو التي استأثرت بعناية علماء العربية، فقد وضعوا فيه مباحث تغني الدارس، وكان في نفسي ميل شديد لدراسة النحو، لا سيما العلم لما فيه من دراسة طريفة وحيوية، بعد ذلك طفت أتحرى هذا الموضوع في مظانه وأجوب في مصادره لألم بكل ما يحيط به، وبعد هذا التحري وجدت أن مباحث العلم مبثوثة في كتب النحو واللغة، وفي أماكن متعددة ومتفرقة من هذه الكتب، ويظهر ذلك جلياً من خلال إلقاء نظرة إلى كتب النحو المتقدمة كالكتاب والمقتضب والأصول في النحو وغيرها من المؤلفات النحوية. ولكن بعد استقر الدرس النحوي أخذت الدراسة النحوية، شأنها شأن العلوم الأخرى، تميل إلى المنهجية في التصنيف والتبويب والترتيب لدى النحويين المتأخرين، حتى أفردوا للعلم باباً في مؤلفاتهم، إلا أنهم مع كل هذا لم يستوعبوا في هذا الباب كل ما يتعلق بالعلم من أمور وأحكام، وما انتظم من مباحثه في مكان واحد لم يتعد معناه وأنواعه، وما عدا ذلك فقد كان مبثوثاً تارة في باب النداء وتارة أخرى مع الممنوع من الصرف وفي أخرى مع المعرف بالألف واللام والنعت وغيرها من موضوعات، وما زالت كتب النحو تنحو هذا النحو في دراستها لمباحث العلم، وربما كان هذا أمر منطقياً لما للعلم من علاقة وثيقة بكثير من أبواب النحو والصرف.والكتاب الذي بين يدينا يأتي في هذا الإطار حيث يضم أربعة فصول، جاء الفصل الأول فيها تحت عنوان (معنى العلم والغرض منه) تناول معنى العلم في اللغة وفي الإصطلاح، ووقف أيضاً على الأفاظ التي وردت مرادفة للعلم في كتب اللغة والنحو، وبين كذلك ارتباط العلم بالإنسان وشموله غير الإنسان من مسميات أخرى مثل الحيوان كالخيل والإبل والشاء وغيرها، والأماكن والمواضع والبلدان، لما لها من أهمية في حياة الناس.ودرس في هذا الفصل أيضاً تعليل الأعلام، وذكر أثر الإسلام في فشو كثير من الأعلام، واندثار كثير منها، وتبديل النبي صلى الله عليه وسلم للأعلام التي تحمل معاني العبودية لغير الله، وتفضيله لأعلام أخرى مع ذكر أسباب تفضيله لها، وذكر كذلك بعض العقائد والعادات الشائعة في اختيار أسماء قبيحة مستكرهة.وأما الفصل الثاني فتضمن (أنواع العلم) حيث ذكر أن النحويين قسموا الأعلام إلى أقسام لاعتبارات عدة، وأحد هذه الأنواع هو الاسم والكنية واللقب، وبين مذاهب العرب في اجتماع الاسم والكنية واللقب من حيث التقديم والتأخير. وذكر كذلك أنواعه الأخرى كالعلم المفرد والمركب وأنواع العلم المركب، والعلم بالغلبة وعلم الشهص وعلم الجنس، ودرس أنواع مسيات كل منهما والفرق بينهما، وختم هذا الفصل بالعلم المرتجل والعلم المنقول، وبين موارد الأعلام المنقولة وطرائق العرب في النقل كالتسمية بالأسماء والأفعال والأصوات.وعقد الفصل الثالث لدراسة (مرتبة العلم بين المعارف)، حيث بين في مطلعه مرتبة العلم بين المعارف ووقف على أوجه الخلاف في مرتبته وآراء النحويين في هذا الاختلاف، وتضمن الفصل كذلك بعض العوارض التي تعتور العلم كالتثنية والجمع، من حيث التعريف والتنكير، وتعريف بعض الأعلام بالألف واللام وأنواعها، وإضافة العلم وأحكامها ومواطن جواز هذه الإضافة، ثم انتقلت بعد ذلك إلى أحكام الأعلام بعد حذف (ابن) منها في الاستعمال الحديث وآراء المحدثين في تخريج الوجوه الإعرابية لها، ودرس كذلك دخول لا النافية للجنس على الأعلام وإعمالها فيها وتأويل النحويين لها.وأما الفصل الرابع فقد ضم (العلو في الدرس النحوي) حيث عقد لدراسة الأحكام النحوية المتعلقة بالأعلام، فدرس تثنية الأعلام وجمعها، واقتصرت هذه الدراسة على الأعلام المركبة، لأنها انفردت ببعض الأحكام النحوية. ودرس في هذا المبحث ما سمي بالمثنى والجمع السالم وتثنيته وجمعه وأوجه إعرابه، ثم درس وصف العلم وما يصلح أن يوصف به والغرض من ذلك.ودرس كذلك حكاية الأعلام وأنواع الأعلام المحكية ومذاهب العرب في ذلك ثم تلوته بالأحكام الإعرابية المتعلقة باجتماع الاسم والكنية واللقب وذكر مذاهب النحويين في ذلك، ثم بحث هذا الفصل نداء العلم وترخيمه، وكان فيه شيء من التفصيل، ففي نداء العلم نجد أقسام العلم المنادى والمكرر والمعطوف والموصوف والمعرف بالألف واللام، ومن موضوعات الترخيم درس شروط الترخيم وأحكامه وما يحذف من المرخم، ثم ختم الفصل بدراسة الأعلام المنصرفة والأعلام غير المنصرفة والعلل المانعة من صرف العلم بشيء من التفصيل.