يتناول هذا الكتاب مصطلحين رئيسين؛ هما الاختلاف والتعارف، وتأتي أهمية الأول من كونه حقيقة واقعية ثار الجدل حولها عبر تاريخ الإنسان، وكان لها دور حاسم في حياة الإنسان ومصيره، كما تأتي أهمية الآخر من كونه الجواب والحل الفعال لمسألة الاختلاف بين الناس؛ لأنه بالتعريف الطريقة الصالحة في التعامل مع الاختلاف. لذلك احتوى الكتاب على بابين...
قراءة الكل
يتناول هذا الكتاب مصطلحين رئيسين؛ هما الاختلاف والتعارف، وتأتي أهمية الأول من كونه حقيقة واقعية ثار الجدل حولها عبر تاريخ الإنسان، وكان لها دور حاسم في حياة الإنسان ومصيره، كما تأتي أهمية الآخر من كونه الجواب والحل الفعال لمسألة الاختلاف بين الناس؛ لأنه بالتعريف الطريقة الصالحة في التعامل مع الاختلاف. لذلك احتوى الكتاب على بابين رئيسين؛ هما الاختلاف والتعارف، وتم تناول موضوع الاختلاف من عدة جوانب هي: طبيعة الاختلاف وأنواعه، الحسنة منها والسيئة، وعلاقته باللغة والدين والعلم والفلسفة، وأمثال الاختلاف في القرآن وتاريخ الاختلاف عند المسلمين. من ناحية أخرى، تم تناول موضوع التعارف أيضاً من جوانب متعددة هي: طبيعة التعارف من حيث المعنى والعناصر المكونة له، وعلاقته بالتناكر الذي يشكل قطباً آخراً منافساً وكثقافة وفكر وممارسة مقابلة للتعارف وبديلة عنه. كما تم تناول موضوع التعارف من ناحية أركانه ومقوماته، ومبادئه، ومهاراته ومستوياته ومجالاته، لتكون المحصلة فكراً وثقافة متكاملين عن كيفية ممارسة التعارف في التعامل الصالح مع الاختلاف بأنواعه المختلفة. تمت الاستفادة في أثناء عملية إعداد هذا الكتاب على مدى عشرين سنة من آخر ما توصل إليه علم النفس المعاصر في كيفية التعامل مع الاختلاف عن طريق مهارات التفكير ومهارات التواصل وتوكيد الذات وتعديل السلوك، وغيرها من المهارات والحقائق العلمية النفسية. إلا أن الملهم الأول والأخير في هذا الكتاب هو كتاب الله عز وجل، وأخص بالذكر منه الآية الكريمة التي تبين غاية خلق الاختلاف الفطري وجُعُل الاختلاف المكتسب في سورة الحجرات: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا...}، وكذلك سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأخص بالذكر منها حديثه الشريف الذي يبين منهجين لا ثالث لهما في التعامل مع الاختلاف بين الناس؛ ألا وهما التعارف والتناكر، كما يبين مآل كل واحد منهما على الناس بقوله: ((الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف))، والمقصود بالاختلاف في هذا الحديث النبوي الشريف هو الاختلاف الخبيث الذي يأخذ شكل التنازع أو التفرق.