يُعتبر المؤلِّف (1929-1996) من كبار المختصّين العالميين في تاريخ الفاشية. سبق أن درّس تاريخ الأحزاب السياسية في جامعة لاسابيينسا بروما، وقد ساهمت دراساته في تجديد الوعي بهذه الظاهرة التاريخية. من أعماله المنشورة: "تفسيرات الفاشية"، "أنطولوجيا الفاشية"، "موسوليني الأسطورة". أما مترجم الكتاب فهو موسى الخميسي، صحفي عراقي من مواليد ...
قراءة الكل
يُعتبر المؤلِّف (1929-1996) من كبار المختصّين العالميين في تاريخ الفاشية. سبق أن درّس تاريخ الأحزاب السياسية في جامعة لاسابيينسا بروما، وقد ساهمت دراساته في تجديد الوعي بهذه الظاهرة التاريخية. من أعماله المنشورة: "تفسيرات الفاشية"، "أنطولوجيا الفاشية"، "موسوليني الأسطورة". أما مترجم الكتاب فهو موسى الخميسي، صحفي عراقي من مواليد بغداد عام 1947 يقيم في روما.استغرق العمل الذي أنجزه دي فِليتشي بشأن الفاشية، طيلة مشواره العلمي، ألوف الصفحات، وهو يشير إلى قدرة هائلة على العمل البحثي في مجال التاريخ، وإلى خصوصية منهجية في مراكمة التوثيق، الذي يتّصف بالاتساع والجرأة. فقد كان دي فِليتشي يعتبر عملية إعادة بناء الأحداث التاريخية، مسألة ضرورية ما دامت تمرّ عبر الوثائق والمستندات التي ينصح بها عدد كبير من المؤرخين.في كتاب "مقابلة حول الفاشية"، الذي يُعدّ ملخصا لطروحات دي فِليتشي ونظرياته بشأن الفاشية، أتت عملية الفهم والاستيعاب الثقافي الموضوعي في المقام الأول. إذ لا تزال أحكام وآراء كثيرة تثير سيْلا من الجدل حول تقييم العمل الذي قام به دي فِليتشي. ذلك أن إيطاليا، كانت على الدوام تمتلك موقفا سياسيا يدين الفاشية. لقد كرّس دي فِليتشي عمله البحثي للمراجعات المعمّقة ومعرفة الأحداث التاريخية في أدقّ تفاصيلها. إذ تظل دراساته خاضعة، وباستمرار، لعمليات التدقيق والتحديد والإضافة. إنها، بعبارة أخرى، خاضعة لرغبة واضحة في الانطلاق المستمر نحو التطوير والإضافة في المعلومات بالنسبة إلى العديد من الأحداث التي ترتبط بظاهرة الفاشية.تنزع دراسات دي فِليتشي وبحوثه، نحو الإضافة في التحليل والابتعاد عن تبسيط الأشياء وتسطيحها، وهو ما نراه أيضا في جميع فصول كتاب آخر له بعنوان: "موسوليني الدوتشي". من ناحية أخرى، التزم دي فِليتشي، كما اعتاد في كتبه الأخرى، بإظهار كتابه: "مقابلة حول الفاشية" كتوضيح لمواقفه، أمام معارضة واسعة لأفكاره وقناعاته.ومن النقاط الرئيسية المهمة في كتاب "المقابلة" التشخيص، بتحديد دقيق وواضح، للفرق بين "الفاشية كإيديولوجيا" و"الفاشية كنظام" فهما يمثلان قطبين جدليين لمرحلة امتدت نحو عشرين عاما كاملة. في الحقيقة، إن ما عكسه كتاب "المقابلة" الذي يرى في الفاشية ظاهرة شمولية يسارية، يمثل موضوعا يظل غير مقبول من قِبل العديد من الباحثين. وعلى كل حال فإن كتاب دي فِليتشي هذا لم يعد يشكل نشازاً بعد الآن، لأنه أوضح بأن الفاشية لها جذور يسارية وبعض التوجهات الثورية. فاليسارية والثورية تتّحدان سويا لتوضّحا جوانب مهمة من السيرة الذاتية لموسوليني وللعديد من أتباعه.في هذا الإطار، فإن رد الاعتبار للفاشية الذي اُتّهم به دي فِليتشي، قد خلق نوعا من الحذر في إطلاق اتهامات من هذا النوع، ويشكل التصدي لهذه المواضيع، في حد ذاته، مرحلة مهمة للمنهج التاريخي الإيطالي، فقد استطاع دي فِليتشي أن يعيد الفاشية إلى قلب الاهتمامات التاريخية.