لما كان التغريب من أسلحة أعداء الفكر العربي والإسلامي، كان من الضروري لمعرفة ذلك السلاح وخطط الغزو الفكري الذي يهيمن على هذه الأمة في كل فترة، والذي يعمل جاهداً من أجل القضاء على الخصوصية الحضارية، ومحاولة تعميم الفكر الغربي، حتى يتمكن الغرب من تسيير العالم بأجمعه في فلك المركزية الغربية، طواعية دون إكراه أو تذمر، ومن ثم فرض لغة...
قراءة الكل
لما كان التغريب من أسلحة أعداء الفكر العربي والإسلامي، كان من الضروري لمعرفة ذلك السلاح وخطط الغزو الفكري الذي يهيمن على هذه الأمة في كل فترة، والذي يعمل جاهداً من أجل القضاء على الخصوصية الحضارية، ومحاولة تعميم الفكر الغربي، حتى يتمكن الغرب من تسيير العالم بأجمعه في فلك المركزية الغربية، طواعية دون إكراه أو تذمر، ومن ثم فرض لغة وثقافة وتاريخ حضارته المسيطرة على العالم كله، والتنكر لكل الحضارات الإنسانية السابقة، والإدعاء بأنها حضارات بدائية تمثل مرحلة الطفولة البشرية.لذا رأى الكاتب أن يساهم في إعادة الثقة في نفوس الأجيال، وحتى لا يتم التفريط في خصوصيتنا الحضارية، وثقافتنا الإسلامية، ومن أجل التأكيد على الجمع بين تحديث الأصالة، وتأصيل الحداثة، ووفاءً لعلمائنا ومفكرينا، فقد تم اختياره لموضوع: (مواجهة التغريب والتغييب) في دراسات "ياسين عريبي"، الذي وهب حياته من أجل إبراز أصالة الفكر الإسلامي، وتفوقه في المنهج والمقصد.حيث سيتم تقسيم هذا البحث إلى خمسة فصول تكتب بطريقة العناوين الجانبية، بحيث يشتمل الفصل الأول أثر البيئة الثقافية في حياة المؤلف سواء كانت بيئته المحلية داخل الوطن، أو البيئة الخارجية التي أثرت في المؤلف أثناء مواصلة دراسته والتي مكنته من إستيعاب لغات أجنبية متعددة أهلته للإطلاع والبحث، والحصول على الشهادات العليا؛ أما الفصل الثاني؛ وهو الفصل الذي يراه الباحث يحوي بيئة وخامات هذا التغريب، والذي سيتم فيه إبراز دور العرب المسلمين في تأسيس وتطوير العلوم ومناهج البحث التي كانت من أسباب قيام النهضة الأوروبية، وخاصة المنهج الإستقرائي (التجريبي)، ومنهج الفهم والتأويل اللذين يعتبران وليدا البيئة الإسلامية، وذلك على هيئة إشارات مقتضية وغير مفصلة.أما الفصل الثالث فسيحوي مفهومي التغريب والتغيب، والفرق بينهما، ثم دور الإستشراق في تغريب وتغييب العلوم والمناهج الإسلامية، مع التعرض للأثر الفكري الذي تركته الحروب الصليبية، ويتحدث الفصل الرابع عن مراحل التغريب، ويقسم إلى مرحلتي التغريب البسيط التي تبدأ من نهاية الحروب الصليبية حتى القرن السادس عشر الميلادي، ومرحلة التغريب المعقد، التي تعرف بمرحلة تطبيع التغريب، وهي التي تبدأ من نهاية القرن السادس عشر حتى العصر الحاضر؛ أما الفصل الخامس: فسيتم فيه توضيح آراء المؤلف ومقترحاته بخصوص مواجهة التغريب والتغييب، ودعوته إلى توظيف إيجابي للعلوم الإنسانية، بالإضافة إلى الآراء التي يراها المؤلف كفيلة بالمواجهة في الجانب الفكري، وقد ضمن الفصل الخامس ما وافق فيه "الجابري ياسين عريبي" من وسائل الدفاع والمواجهة، وكذلك للوقوف على مدى فعالية إقتراحات المؤلف بشأن هذه المواجهة، بعد مقارنتها بآراء مفكر عربي مرموق معاصر لصاحب هذه الدراسات.