كيف أظهر السياسيون الإيرانيون ذلك السلوك العدواني خلال العقد الأخير، ومنذ عام 2005 على وجه الخصوص ؟ لماذا فشلت البريسترويكا الإيرانية؟ فمنذ فترة طويلة مضت وحتى الآن تميز السلوك الإيراني على المشهد الدولي بالتهديدات العسكرية والنزعة إلى المنع، والتهديد التاريخي لإسرائيل، والتلميحات إلى تطوير القدرات النووية العسكرية، ودعم الاضطرا...
قراءة الكل
كيف أظهر السياسيون الإيرانيون ذلك السلوك العدواني خلال العقد الأخير، ومنذ عام 2005 على وجه الخصوص ؟ لماذا فشلت البريسترويكا الإيرانية؟ فمنذ فترة طويلة مضت وحتى الآن تميز السلوك الإيراني على المشهد الدولي بالتهديدات العسكرية والنزعة إلى المنع، والتهديد التاريخي لإسرائيل، والتلميحات إلى تطوير القدرات النووية العسكرية، ودعم الاضطرابات "الثورية" في الدول ذات الأغلبية الشيعية.وقد تناولت العديد من التحليلات دوافع هذه التحولات في السياسة الخارجية الإيرانية، مثل الدوافع الربحية، أو الفرص الأمنية التي تسبب بها انتشار التكنولوجيا، أو "التطويق الأمريكي" لإيران من خلال الوجود العسكري الأمريكي في كل من العراق وأفغانستان. وبينما أظهرت هذه التحليلات بعض الحقيقة، فإنها لم تجب عن بعض الأسئلة الرئيسية الملحة: لماذا أعلن صناع القرار الإيرانيون أنفسهم ليصبحوا قوة نووية عظمى ويهددوا إسرائيل قبل أن تصبح إيران قادرة في الواقع على تنفيذ تلك التهديدات ؟ ولماذا تصر إيران على برنامجها النووي على الرغم من التكلفة الاقتصادية العالية (بسبب العقوبات) التي ترتبط بهذا الخيار؟.وخلافاً للباحثين الآخرين، فإن التحليل الذي أقدمه يبرز تفسيراً لهذه الألغاز من خلال إعطاء مزيد من الأهمية لروايات "تعظيم الذات" في صناعة القرار الإيراني – وبذلك أعني تضخيم القوة والتماسك الذاتي، وعكس صور قوية عن "العدو". إن تكوين هذه الأساطير يؤدي وظيفة إعادة إنعاش الاحترام الذاتي لصناع القرار في إيران، ويزيد من شرعيتهم على المستوى الداخلي. وبما أن عملية إعادة تقييم "الذات" ليست بمعزل عن الجهات الأخرى، وإنما ترتبط بها، نجد أن هذه الأساطير تستلزم تصوير الجهات الدولية الأخرى الفاعلة بوصفها شيطان (الولايات المتحدة في هذه الحالة).هذا وتؤسس هذه الدراسة وتوضح التباين المشترك بين وصف الولايات المتحدة لإيران، وتطرف الروايات الداخلية الإيرانية ومنهجها في السياسة الخارجية. حيث يلقي الجزء الأول من الدراسة الضوء على الخطوط العريضة للمتغيرات التاريخية للسياسة الخارجية الإيرانية ونهجها في السياسة الدولية. وسيركز هذا الجزء على وجه الخصوص على القول بأن السياسة النووية والخطاب الخارجي قد استخدمتا من جانب إيران لرسم صورة ذاتية إيجابية لإيران المعزولة دولياً. بينما يوضح الجزء الثاني أن هذه المتغيرات ذات التسلسل الزمني في السرد الداخلي الإيراني ونهجها الخارجي يرتبطان بالأطر التي تضع فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إيران، ويدعي هذا الجزء أن إيران هي التي تصف نفسها بأنها "الدولة المارقة" التي أسهمت في صعود وصف ذاتي نرجسي يصور القوى الغربية بأنها قوى الشر.