لعل من حسن حظ بيروت أن تجد من يهتم لها، ويرفعها من تحت أقبية الموت والدمار والنسيان المهيمن على وسطها المهدوم ومبانيها المهشمة وصروحها المنكوبة وأزقتها الضيقة، إلى شوارعها الجديدة وجاراتها الواسعة ومعالم التمدن والتقدم وأبواب الحياة والعمل. وكان هذا العمل الجبار والفريد من نوعه أن يكون مادة غنية لمؤلف هذا الكتاب الذي أقدم على كت...
قراءة الكل
لعل من حسن حظ بيروت أن تجد من يهتم لها، ويرفعها من تحت أقبية الموت والدمار والنسيان المهيمن على وسطها المهدوم ومبانيها المهشمة وصروحها المنكوبة وأزقتها الضيقة، إلى شوارعها الجديدة وجاراتها الواسعة ومعالم التمدن والتقدم وأبواب الحياة والعمل. وكان هذا العمل الجبار والفريد من نوعه أن يكون مادة غنية لمؤلف هذا الكتاب الذي أقدم على كتابة سطور، وتصوير مشاهد لمدينة شهدت ما شهدته من سنوات عجاب ودمار وغياب عن الخريطة الجغرافية والاقتصادية للعالم. وتنهض اليوم بمعجزة فرضت نفسها على الاهتمام العالمي الذي عبرت عنه المؤسسات والهيئات من مختلف الأقطار في الشرق والغرب وهي ترنو بأبصارها للفوز بموطئ وقدم لها في هذه المدينة التاريخية المتجددة.فما أحلى تصوير بيروت وهي تبتسم وجروحاً تندمل وحضارتها تنبعث، وقلبها الذي أعيد إنعاشه ينبغي من جديد، وتلبس ثوب الفرح المزهو بألوان الحياة والحب، وتكتسب رونقها الغابر وتتقدم للطمأنينة والازدهار فبعد أن كان صور بيروت تلتقط سرقة بأيدٍ مرتجفة والمدافع تدوي، والقناص تئز رصاصته فها هو المصور اليوم يسير بفخر واعتزاز حاملاً آلة التصوير والعدسات مسجلاً للتاريخ نموذجاً لمغامرة إعمارية قل نظيرها في العالم في أبرز وأوسع مخططات التنظيم المدني في حقبة التسعينات ليتأمل المقلب لصفحات هذا الكتاب يتأمل صوره التي ارتسمت في تفاصيلها روائع العمارة في غالبية المباني التاريخية التراثية، وأماكن العبادة من مساجد وكنائس تم إنقاذها وترميمها ضمن محيط تجاري عصري وعملي يتناغم ويتكامل فيه البناء التقليدي القديم والبناء العصري الحديث، تدعمه بنية تحتية مستحدثة ومتقدمة، وهندسة مخططة لنشر المساحات الخضراء وسط الطرق العريضة المجهزة بمواقف السيارات وأعمدة الإنارة المميزة ومراكز المعارض والحفلات والندوات.وتعكس الصور في هذا الكتاب، تكامل المكان بجميع عناصره، والذي يزيد من رونقه تعابير وجوه الشباب المنتمي إلى مختلف المناطق اللبنانية، والذي طلّق غرائز الحرب وعتد إلى ساحته المشتركة، وسط بيروت ليتلاقى مجدداً بعدما خطفته الحرب منه لسنوات، وهم يتجولون في شوارع المدينة ومقاهيها وسط معالمها التراثية وآثارها الفنية وفنادقها الحديثة ومرافقها الجديدة، والفرح العاطر بالأمل في المستقبل يكسو ملامحهم.