يقدم الفيلسوف الفرنسي المعاصر والذي يعد من أقطاب الفلسفة الوجودية الفرنسية "موريس ميرلوبنتي" في كتابه الذائع الصيت "تقريظ الفلسفة" رؤية فلسفية يجدد فيها الفكر الفلسفي إنطلاقاً من الفلسفة الفينومينولوجية متأثراً بأطروحات مؤسسها "هوسرل" التي كان لها تأثيرها البالغ على فلسفة "ميرلوبنتي" فيما يتعلق بالتركيز على بعد الإدراك الحسي في ...
قراءة الكل
يقدم الفيلسوف الفرنسي المعاصر والذي يعد من أقطاب الفلسفة الوجودية الفرنسية "موريس ميرلوبنتي" في كتابه الذائع الصيت "تقريظ الفلسفة" رؤية فلسفية يجدد فيها الفكر الفلسفي إنطلاقاً من الفلسفة الفينومينولوجية متأثراً بأطروحات مؤسسها "هوسرل" التي كان لها تأثيرها البالغ على فلسفة "ميرلوبنتي" فيما يتعلق بالتركيز على بعد الإدراك الحسي في علاقة الإنسان بالعالم، فهو يرى بأن العالم هو هذا الذي ندركه، كما أنه ليس موضوعاً وإنما هو مجال تتجلى فيه افكار الإنسان وتتحقق فيه إدراكاته الحسية، وما دام الإنسان موجوداً في هذا العالم فهو يتعرف على نفسه داخله والحقيقة التي يبحث عنها هي جزء من هذا العالم والعمل على إعادة النظر فيه، بالإضافة إلى ذلك فالعالم له معنى وما على الإنسان إلا أن يتوصل إلى وصف ذلك المعنى، كما أن فهم العالم والتوصل إلى معناه يقتضي منا تجاوز ثنائية الذات والموضوع، وكذلك تجاوز تلك التفرقة التي أقامها "سارتر" بين الوجود في ذاته والوجود لذاته.تأتي أهمية هذا الكتاب من كونه مناظرة بين فكر ميرلوبنتي والفلاسفة الوجوديين، فمثلاً هو يشترك مع معظم الفلاسفة في اعتبار الحرية هي جوهر الوجود الإنساني على الرغم من إجرائه بعض التعديلات على موضوع الحرية للتخفيف من اطلاقيّتها. فالإنسان باعتباره كائناً واعياً ومسؤولاً عن وعيه فهو يستطيع الإنفصال عن الواقع بفعل تلك الحرية التي تشكل جوهر وجوده،ـ وبالتالي يستطيع تجاوز كل الحدود التي تقف في طريقه، لكن في هذا النص نجد أن ميرلوبنتي لا يتفق مع "سارتر" بأن حرية الإنسان هي حرية مطلقة، لأن من شأن ذلك برأيه أن يجعلنا نغفل إلتزامات الإنسان، فلا حرية بدون إلتزام، وما دام الإنسان يعيش في العالم ومع الآخرين فلا بد أن يمارس حريته في نطاق الشروط التي يضعها هذا الوجود، وهذا لا يعتبر حداً لحرياتنا بل أن ذات الإنسان تتفاعل بصورة مستمرة مع الذوات الأخرى بما يحفظ لكل واحدة منها خصوصياتها وبالتالي حرياتها في التصرف والإختيار ضمن هذا التفاعل. كما قسم الكتاب إلى عدة محاور ومقدمة عامة عن الفلسفة والفيلسوف ودورهما يقول كيركفارد في هذا الصدد بأنها "علاقة مطلقة" بينها وبيننا – يقصد الفلاسفة – إلى أن يضع الفيلسوف، هو هذه الحركة التي تقود مجدداً باستمرار من المعرفة إلى الجهل، ومن الجهل إلى المعرفة، ونوع من السكون في هذه الحركة ...أما المحور الأول فهو عبارة عن دراسات فلسفية "حول ظهورية الكلام – اللغة" وفيها دراسة لـ "هوسرل" ومسألة اللغة، أما المحور الثاني فيسلط الأضواء على "الفيلسوف وعلم الإجتماع" وفيه دراسة عن "موسى" إلى "كلود ليفي ستراوس"، ويأتي المحور الثالث بعنوان "الفيلسوف وظله وفيه مناقشة لفكر "برغسون" و "إنيشتاين وأزمة العقل" و "قراءة لـ "فونتاني". وأخيراً ملاحظة حول "ميكافيلي".