احتلت الأسلحة النووية قمة جدول الأعمال المرتبط بقضايا التسلح وضبط التسلح علي المستوى الدولي خلال النصف الثاني من القرن العشرين بفعل المخاصر الهائلة المرتبطة بامتلاك هذه الأسلحة واحتمالات استخدامها في حرب نووية. فعلي الرغم من أنها لم تستعمل سوى مرة واحدة ضد اليابان عام 1945، إلا أن الدول عادة ما تولي وزنا أكبر لضخامة الآثار التدم...
قراءة الكل
احتلت الأسلحة النووية قمة جدول الأعمال المرتبط بقضايا التسلح وضبط التسلح علي المستوى الدولي خلال النصف الثاني من القرن العشرين بفعل المخاصر الهائلة المرتبطة بامتلاك هذه الأسلحة واحتمالات استخدامها في حرب نووية. فعلي الرغم من أنها لم تستعمل سوى مرة واحدة ضد اليابان عام 1945، إلا أن الدول عادة ما تولي وزنا أكبر لضخامة الآثار التدميرية للأسلحة أكثر من احتمالات استخدامها. لذلك، أعتبرت مشكلة الانتشار النووي واحدة من أعقد مشكلات القرن العشرين، وقد ارتبطت هذه المشكلة -ولاتزال- في الأساس بمنع دول خارج القوي الدولية النووية الخمس (الولايات امتحدة الأمريكية، الاتحاد السوفييتس السابق- روسيا الاتحادية حالياً-، بريطانيا، الصين، فرنسا) من أمتلاك أسلحة نووية. في هذا السياق، أصبح مفهوم الانتشار النووي ذاته يتسم بالتعقيد، لا سيما فيما يتصل بالعلاقة بين جوانبه السياسية والفنية، والعلاقة بين أمتلاك القدرة النووية وأمتلاك الأسلحة النووية. وازداد هذا التعقيد مع عودة الاهتمام بالطاقة النووية. وقد أدي ذلك كله إلى خلق أزمات ومشكلات عديدة في مجال الانتشار النووي.في ضوء ما سبق ، تكتسب عملية ضبط مفهوم الانتشار النووي أهمية كبيرة، إذ تثير العديد من التساؤلات من قبيل: هل يقصد بالانتشار النووي زيادة عدد الدول المالكة للأسلحة النووية فحسب؟ أم زيادة حجم ونوعية الأسلحة المووية لدى الدول المالكة لها بالفعل؟، وكيف تطورر مفهوم الانتشار النووي خلال فترة ما بعد الحرب الباردة مقارنة بفترة ما قبل انتهاء هذه الحرب؟ وهل أمتلاك الدولة للقدرات المووية يعني أمتلاكها للسلاح النووي؟، وما هي مستويات إدارة الانتشار النووي؟ وكيف تتعامل الدول من الناحية التطبيقية مع هذا المفهوم؟. هذه التساؤلات كافة، نحاول الإجابة عليها من خلال العناصر التالية التي تمثل تقسيماً لمحاور هذه الورقة.