الكتاب من ترجمة أورخان محمد علي.إن القرون العديدة من التاريخ العربي التي تسبق وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لا تُدرس إلا قليلاً ولا يُعرف عنها سوى النادر؛ قد يظن أن هذا الجهل يعكس عدم أهمية جزيرة العرب في التاريخ العالمي قبل ظهور الإسلام، لكن هذا حكمٌ مجحف.فمع أن سكان جزيرة العرب كانوا يعيشون في محيط الإمبراطوريات العظمى؛ ف...
قراءة الكل
الكتاب من ترجمة أورخان محمد علي.إن القرون العديدة من التاريخ العربي التي تسبق وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لا تُدرس إلا قليلاً ولا يُعرف عنها سوى النادر؛ قد يظن أن هذا الجهل يعكس عدم أهمية جزيرة العرب في التاريخ العالمي قبل ظهور الإسلام، لكن هذا حكمٌ مجحف.فمع أن سكان جزيرة العرب كانوا يعيشون في محيط الإمبراطوريات العظمى؛ فقد كانوا ذوي أهمية كبيرة إليها؛ أولاً؛ إن موطنهم يحتل موقعاً مركزياً بين الهند وإفريقية وبلاد بين النهرين والعالم المتوسطي؛ الأمر الذي يعني أن البشر والسلع العابرين من منطقة إلى أخرى كانوا مجبرين غالباً على إجراء الصفقات معهم؛ ثانياً؛ إن وجود اللُبان "البخور والمر والنباتات العطرية الأخرى في جنوبي جزيرة العرب، وكلها كانت مطلوبة جداً في حضارات البحر المتوسط وبلاد بين النهرين؛ قد جلب الثورة والشهرة إلى زارعيها ومصدّريها العرب؛ ثالثاً؛ قدمت جزيرة العرب خزاناً من القوة البشرية العسكرية التي كانت تملك خبرة بالسفر في الصحراء، ومارست دوراً هاماً كحليف وأيضاً كعدو لمختلف القوى.مؤلف هذا الكتاب، الأول في مجاله، بحث في مختلف جوانب حياة العرب في جزيرتهم، أي في الإقتصاد والمجتمع والدين والفن والعمارة والمصنوعات اليدوية واللغة والأدب، إعتماداً على المصادر الأولية؛ وقدم لنا وثيقة معرفية "كي أوسع الفهم التقليدي للجاهلية من حقبة قصيرة جداً قبل بزوغ الإسلام إلى الإمتداد الكامل من الزمن منذ النشوء الأول للمجتمعات المعقدة في جزيرة العرب في الألفية الرابعة قبل الميلاد.إنها حقبة هامة من التاريخ في جزء هام من العالم ولذلك فإني أمل أن هذه الطبعة العربية من هذا الكتاب ستجعل قصته معروفة لجمهور أعرض بكثير.نبذة المؤلف:لعل المصادر والوثائق المتعلقة بالأحداث الماضية تمارس أهم دور في تشكيل مفهوم التاريخ. فلكي نملك نظرة تاريخية علينا أن نقوم تلك المصادر أفضل تقويم. وهكذا يكتسب التاريخ خاصية إلقاء الضوء على المستقبل، إضافة إلى كونه منبع ومصدر التجارب المفيدة للإنسانية. ومن هنا ولدت النظرة التاريخية العلمية المستندة إلى الوثائق التي تعكس الأحداث التاريخية كما وقعت وحدثت فعلاً، وتقويمها من ناحية الزمان والمكان. ومن هذا المنطلق والمنظور فإن هذه النظرة بعيدة عن الإستناد إلى العواطف القومية والوطنية. إن الدولة العثمانية التي تأسست في أوائل القرن الرابع عشر كانت تحكم أراض تمتد ضمن ثلاث قارات، وإستمرت أكثر من ستة قرون حتى سقوطها في القرن العشرين. والأرشيف العثماني الذي إنتقل إلينا غني بالوثائق، حيث يحوي أكثر من مئة مليون وثيقة ودفتر، وهو يهم العديد من دول العالم. وهناك الآن آلآلآف من الباحثين الأتراك والأجانب الذين يقومون بفرزها وتصنيفها ودراستها. ونظراً لكون تلك الوثائق والأوراق المتعلقة بالتاريخ القريب تلقي الضوء على الأحداث السياسية الحالية. فقد نشأ إتجاه لفرزها وتصنيفها أولاً. وهكذا تيسرت لنا إمكانية الرد على العديد من المزاعم البعيدة عن الحقيقة. فقد ظهرت وثائق بعيدة عن النظرة الإيديلوجية لأنه إتخذ المقاييس العلمية الصرفة هادياً لكي يقدم نظرة موضوعية لهذا الموضوع. وقد أضفنا صوراً في الصفحات الأخيرة من الكتاب. وهي تشكل صلب بحثنا وبالتالي صلب هذا الكتاب. وفي ظننا أن نشر هذه الوثائق سيزيد من الثقة بالنظرة الموضوعية لهذا المؤلف، لكن مع ذلك فإننا على قناعة بأن الذين يستغلون هذا الموضوع لمصالحهم السياسية، وينظرون إليه من هذه الزاوية لن يقتنعوا. ولكن لا يمكن لأحد أن يغطي على الحقائق التاريخية بأي شكل من الأشكال ويخفيها أو يشوهها، فليس هناك مثال واحد في التاريخ على هذا. والذين يقومون بتشويه التاريخ سيقوم غيرهم بتشويه تاريخهم. ويجب أن لا ننسى أن الذين يؤيدون اليوم هذه الإدعاءات الكاذبة ويساندوها دعماً لمصالحهم ويقبلون أن يكونوا أداة للإستغلال، سيجدون أنفسهم مضطرين لتقديم الحساب عن مآسي الجزائر التي قتل فيها مليون ونصف مليون جزائري، ومآسي الهند، وكذلك الهندارة الين تعرضوا في أميركا الشمالية للإبادة بنسائهم وأطفالهم وشبابهم وشيوخهم. إن الذين أيدوا الأرمن في بداية القرن العشرين لإقامة إرمينسان الكبرى يتهمون الآن تركيا بالإبادة العنصرية لكي ينتقموا من فشلهم السابق، وهم يؤيدون بشكل واضح الحزب الإرهابي حزب العمال الكردستاني الذي يدعو لإقامة دولة كردية، كما أوضحنا الشيء نفسه للأكراد. إن الذين سيقرؤون كتابنا "تهجير الأرمن"، بهذه النظرة، ويتمعنون في الوثائق بموضوعية وحياد، سيعلمون أن الفروق والإختلافات الثقافية تشكل غنى للإنسانية، وسيشعرون بأن الأحكام الجائزة التي أطلقوها إنما هي أحكام ضد الإنسانية وسيجدون فيه آنذاك مصدر قوة للدفاع عن الحق والحقيقة.