كتاب « البيان » شرحٌ لكتاب « المهذَّب » للإمام الشِّيرازي في فقه الإمام الشَّافعيّ .وشارحه الإمام العمراني .وهو كتاب من كتب الموسوعات الفقهيَّة الجامعة في مذهب الإمام الشَّافعيِّ والمذاهب الأُخرى .يُعنى بالمسائل ، ويبرز أدلَّتها ، وينشر مذاهب السَّلف ، ويشير إلى مآخذها ، وينصُّ على الرَّاجح ، ويكشف عن مستنداته .فهو من الأسفار ال...
قراءة الكل
كتاب « البيان » شرحٌ لكتاب « المهذَّب » للإمام الشِّيرازي في فقه الإمام الشَّافعيّ .وشارحه الإمام العمراني .وهو كتاب من كتب الموسوعات الفقهيَّة الجامعة في مذهب الإمام الشَّافعيِّ والمذاهب الأُخرى .يُعنى بالمسائل ، ويبرز أدلَّتها ، وينشر مذاهب السَّلف ، ويشير إلى مآخذها ، وينصُّ على الرَّاجح ، ويكشف عن مستنداته .فهو من الأسفار العِظام ، الَّتي تصنَّف تحت مظلَّة الفقه المُقارن .وهو من المصادر الثَّريَّة الَّتي حوت نقولاً عزيزة ، وتفريعات عديدة ، وتعليلات تنمُّ عن أصالة فقهيَّة ، وتشبُّعٍ بالنُّصوص الشَّرعيَّة ، وإحاطة بالمذاهب الإسلاميَّة .. حتَّى قيل فيه : ( إنه لم ينسج على مِنواله .. ولم يأت الزَّمان بمِثاله ) .ويكفي الكتابَ فخراً : أنَّ من جاء بعده .. جعلَهُ المَوردَ العذب ، والمرجع المعتمد ، والمستند الوثيق ، كالنَّووي في « مجموعه » ، والسُّبكي في « تكملته » ، والمُطيعي في « تكملة التَّكملة » .وغيرهم من جلَّة العلماء الكبار الذين عرفوا للمؤلِّف قدره ، وللكتاب حجمه ومكانته .والمورد العذب كثيرُ الزحامْوتميَّز بضمِّه نقولاً عزيزة ، وآراء سديدة ، تبنَّاها أولئك الأعلام ، من الصَّحب الكرام ، وأُوْلي القرون الخيِّرة ، الَّذين نهلوا مباشرة من المستقى التَّشريعيِّ ، فعبُّوا من معين السُّنَّة ، وفهموا المقاصد التَّشريعيَّة .وهو كتابُ تلوح في ثناياه جواهر يتيمة ، وتحقيقات علميَّة فريدة ، هي وليدة تلك الملكة الفقهية التي عرف بها مصنفه ، فقد جمع بين تحقيق العراقيين ، وتدقيق الخراسانيين ، وحكمة اليمانيين .لذلك فكتاب « البيان » يزخر بتلك الآثار ، ويشفع ذلك بآراء مَن بعدهم من التَّابعين وعلماء الأمصار .فقد تحلَّى هذا السِّفر بالاستيعاب والاستقصاء ، وتقييد الأوابد ، وتصيُّد الشَّوارد .ولا إخالنا أَبْعَدْنا النُّجعة إنْ جزمنا بأنَّ فيه من آراء أصحاب المذاهب المتبوعة .. مـا لــم يطَّلع على بعضه المتأخِّرون ممَّن جاء بعده ، وليس هذا بعجيب ، فمن عرف العلامة العمراني .. وقر هذا المعنى في صدره .ثمَّ إنَّ هذه الموسوعة الفقهيَّة لا تُعنى بمذهب الشَّافعيِّ فحسب ، بل تسلكُ طريق المقارنة بين المذاهب ، والموازنة بين أدلَّة كلِّ فريق ، وعرض التَّعليلات الفقهيَّة .. بعد ذكر الأدلَّة النقليَّة ، والتَّلويح برجحان القوي من الآراء من حيث الدَّليل .لذلك .. فهو سفر شامل ، وكتاب قيِّم ، على مثله تُعقد الأنامل ؛ إذ يحتاج إليه كلُّ فقيه ، لينهلَ من معينه الفيَّاض .وهو بالإضافة إلى ما حواه من الزخم العلمي الذي حُشِدَ فيه .. ليعدُّ صورة صادقة لنشاط الحركة العلمية والفقهية ، وهجر الجمود والتقليد الممجوجين في عصر رميَ بتيك الداهية .ولقد كنَّا ـ كغيرنا من طلبة العلم ـ كلَّما مرَّ بنا ذكر « البيان » وخصائصه .. تشوَّقنا إلى الاطلاع على كنوزه ، والنَّظر في محياه ، والقطف من ثمره ، والإفادة من فقهه ويانع علم مؤلفه .ولكن أنَّى لنا ذلك والمحبوب كان قابعاً في حصون رفيعة ، ذات أبواب منيعة ، والمَهْيَع إليه وعرٌ ؛ إذ كان لا يزال بعد ضمن تلك الآثار مخطوطاً ، ولا سبيل للوصل إليه ؟!والآن ـ بحمد الله وتوفيقه ـ يطبع لأوَّل مرَّة بالطِّباعة الحديثة ، بعد ما يقرب من تسعة قرون مرّت على مخطوطاته .وقد خرج ـ بحمد الله ومنِّه ـ يرفل في ثوبه القشيب ، وطبعته الفاخرة ، محقَّقاً مفهرساً ، مشكَّلاً مرقماً .