صدمة الحداثة في اللوحة العربية

في كتابه هذا يؤسس أحمد عرابي لفهم جديد لمنابع الفن التشكيلي العربي وأسسه التاريخية، هذا الفهم جعله يعيد كتابة تاريخ الفن التشكيلي العربي ويرسم خرائطه بعناية فائقة، تستحق التوقف عندها.عبر صفحات الكتاب نجد أنفسنا أمام ناقد محترف، لا يتوقف عند حدود الأبعاد النظرية لموضوع الحداثة في الفن التشكيلي، إنما يذهب أكثر من ذلك في الحفر في التجارب العربية في تحليل عميق لتأثير التجربة الغربية على الفنانين العرب ليقدم لقارئه مادة نقدية تحفر في التفاصيل وهذه مهمة المبدعين أمثال أسعد عرابي.وعلى هذا يحضر التراث الفني بوضوح في الكتاب من خلال العودة إلى أصول الأنواع التشكيلية، ليبدي الكاتب رأيه بها، مدعماً حججه بأمثلة واضحة ومقنعة تتميز بالرصانة والجدية في تناول الموضوع المكتوب، شارحاً لنا الصدمة التي أصيبت بها الحداثة العربية، الأمر الذي يضع القارىء أمام فهم أكثر لإشكالات الحداثة التشكيلية العربية، وبالتالي تصور واضح لملامح صدمة الحداثة التي نحن بصددها.يعتبر الكاتب أننا نعيش أمام أزمة حداثة عميقة الجذور مع صعود الأصول الفنية وعلى هذا يكتب " ... إذا كان صحيحاً أن النموذج الغربي لا يحتكر الحداثة فإن البديل لم يعرض بعد، ما خلا نماذج مبعثرة في تاريخ المعاصرة التشكيلية، على غرار معلمين بمستوى حامد ندا (في مصر)، وصليبا الدويهي (في لبنان)، وجواد سليم (في العراق)، وفاتح المدرس (في سوريا) وفخر النسا (في الأردن) وبايه محي الدين (الجزائر) والشرقاوي (المغرب) والحجري (تونس) ويوسف جاها (السعودية) وناصر اليوسف (البحرين) وأبو شقرا (فلسطين) وهكذا ..."وعلى هذا يعزو الكاتب أسباب التراجع والإرباك الذي أصاب مفاهيم الحداثة الفنية العربية إلى ضعف الإتصال مع المحترفات العالمية، وتراجع ظاهرة الجماعات الفنية "هي المحرك الأساسي في سياق تقدم الفن الغربي، وذلك بسبب الغياب المتدرج للديمقراطية الثقافية في مساحة المشهد التشكيلي سواء القومي منه أم القطري.أما جديد الكتاب ما احتواه المختبر البصري من لوحات فنية ملونة لمعظم الفنانين التشكيليين العرب والذي تناولهم الكتاب بالدراسة مع شرح نقدي خاطف لكل عمل من هذه الأعمال المصورة تفنن بإخراجها الفنان المبدع أحمد معلا ...