دفع الانفتاح الواسع على الأدب الغربي دفع بمعظم أدبائنا ومثقفينا إلى نقل القواعد والأسس والمبادئ التي حملها وقام عليها الأدب الغربي دون تمييز بين طبيعة الأدب الغربي، وطبيعة الأدب العربي، الأمر الذي دفع ببعض نقادنا إلى تطبيق القواعد النقدية الغربية على أدبنا العربي، وإلى تقليد شعراء الغرب في مذاهبهم الفنية الجديدة دون تمكن من الإح...
قراءة الكل
دفع الانفتاح الواسع على الأدب الغربي دفع بمعظم أدبائنا ومثقفينا إلى نقل القواعد والأسس والمبادئ التي حملها وقام عليها الأدب الغربي دون تمييز بين طبيعة الأدب الغربي، وطبيعة الأدب العربي، الأمر الذي دفع ببعض نقادنا إلى تطبيق القواعد النقدية الغربية على أدبنا العربي، وإلى تقليد شعراء الغرب في مذاهبهم الفنية الجديدة دون تمكن من الإحاطة بأبعاد هذه المذاهب الفنية.لذلك وجدنا من الخير والصواب دراسة العشر العربي الحديث، فأفردنا له بابين. الباب الأول درسنا فيه "الجماعات الأدبية": في أربعة فصول وقد خصصنا فصلاً مستقلاً لكل جماعة أدبية. في الفصل الأول تعرضنا بالتفصيل لدرس جماعة "عمود الشعر" ورائدها البارودي يليه شوقي وحافظ، وقد غلب على شعر هذه الجماعة التقليد في الشكل والمضمون، وبخاصة شعر البارودي.وفي الفصل الثاني درسنا "جماعة الديوان" ورائدهم شكري، يليه العقاد والمازني، وأظهرنا مدى الثورة التي انتفض بها هؤلاء على جماعة الشعر التقليدي أو "عمود الشعر". وفي الفصل الثالث عرضنا لجماعة "أبولو" وأبرزنا ملامح الرومانسية في شعرهم، مع أن الكثير من شعر هؤلاء أقرب إلى الشعر التقليدي، وفي الفصل الرابع تناولنا "شعراء المهجر" وأشرنا إلى تعلقهم بشعراء الغرب الرومانسيين، واقتباسهم عنهم، وأبرزنا بعض الضعف الذي اعترى شعرهم بسبب ضحالة ثقافتهم العربية من جهة، واهتمامهم بالشكل الجديد الذي نقلوه عن الغرب من دون أن يتعمق بعضهم مضامين ذلك الشعر. ثم عرضنا للاتجاه الرومانسي الذي بدأ يجد طريقة عند هؤلاء الشعراء.وتناولنا في الباب الثاني الاتجاهات الفنية في شعرنا العربي الحديث، وحاولنا التفريق بين الجماعة الأدبية وتوجهاتها الخاصة بتأمين حاجات الشاعر الحياتية، وتهيئة الأجواء النفسية من أجل تأمين حياة حرة كريمة. والاتجاه الفني الذي يقوم على مبادئ وأسس وقواعد سبقنا شعراء الغرب إليها. وقد أفردنا الفصل الأول للاتجاه الكلاسيكي، وأبرزنا أهم الأسس التي قام عليها.والفصل الثاني أفردناه للاتجاه الرومانسي، وذكرنا إلى أي مدى يتعارض هذا الاتجاه مع الاتجاه الذي سبقه، وركزنا على دور العاطفة الجياشة والخيال الحر الطليق في هذا اللون من الشعر. وأشرنا على شأن التجربة الذاتية ومدى ثورة الرومانسي على آفات المجتمع، ومن ثم هجره لهذا المجتمع وهروبه إلى الطبيعة. ثم عرضنا لبداية التجديد في الشكل الفني ليتواءم مع المضمون الجديد لشعراء هذا الاتجاه.وفي الفصل الثالث تناول الاتجاه الرمزي، وذكرنا أهم الخصائص هذا الاتجاه التي تقوم على التوغل في الذات وتعمقها، وأشرنا إلى عجز العقل الوعي عن إدراك الحقائق النفسية في أعماق الشاعر والتي يصعب ردها إلى العوامل الأولية، ورأينا أن الرمز في غموضه إنما يمثل غنى في الاحتمالات ويبرز حالة أو موقفاً أو انطباعاً، والرمز "الغامض المغلق" نوع من الضعف في الشعر الرمزي وليس ميزة تحسب له. وفي الفصل الرابع درسنا الاتجاه الواقعي وأبرزنا موقف الشاعر ورؤيته ومدى التزامه بقضيته وقضية طبقته التي ينتمي إليها ثم ربطنا بين هذا الاتجاه وظهور الشعر الحر في شعرنا العربي الحديث.