نبذة النيل والفرات:تم في مجلس الوزراء تصديق قانون رقم (7) لسنة 1958 بشأن معاقبة المتآمرين على سلامة الوطن ومفسدي نظام الحكم في العراق. وهذا ما جاء في بعض حيثياته: الباب الأول: الجرائم: المادة الأولى: يعتبر متآمراً على سلامة الوطن كل من كان صاحب سلطة عامة أو كان عضواً في مجلس الأمة أو كان مكلفاً بخدمة عامة استغلّ نفوذه لارتكاب فع...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:تم في مجلس الوزراء تصديق قانون رقم (7) لسنة 1958 بشأن معاقبة المتآمرين على سلامة الوطن ومفسدي نظام الحكم في العراق. وهذا ما جاء في بعض حيثياته: الباب الأول: الجرائم: المادة الأولى: يعتبر متآمراً على سلامة الوطن كل من كان صاحب سلطة عامة أو كان عضواً في مجلس الأمة أو كان مكلفاً بخدمة عامة استغلّ نفوذه لارتكاب فعل من الأفعال الآتية أو المشاركة فيه: أ-دفع سياسة البلاد إلى وجهة تخالف المصلحة الوطنية بتقريب البلاد من خطر الحرب أو بجعلها ساحة لها. ب-استعمال قوى البلاد المسلحة ضد الدول العربية الشقيقة أو التهديد باستعمالها أو تحريض الدول الأجنبية على التعرض لسلامتها أو التآمر على قلب نظام الحكم فيها أو التدخل بشؤونها الداخلية ضد مصلحتها أو صرف الأموال للتآمر عليها أو إيواء المتآمرين ضدها أو التعريض في المجالات الدولية برؤسائها وتناولهم بالسب أو القذف أو الإهانة وذلك بطرق النشر.المادة الثانية: يعتبر مفسداً لنظام الحكم كل من كان موظفاً عاماً وزيراً أو غيره وكل من كان عضواً في مجلس الأمة أو مجلس أمانة العاصمة أو المجالس البلدية أو الإدارية على اختلاف أنواعها وعلى العموم كل شخص كان مكلفاً بخدمة عامة ارتكب أو شارك في ارتكاب أمر من الأمور الآتية: أ-إهدار أو تعطيل أو تقييد الحريات الأساسية المنصوص عليها في القانون الأساسي الذي كان مرعياً وذلك بإصدار القوانين أو المراسيم أو الأنظمة أو التعليمات أو الأوامر المخالفة للشروط الأساسية التي رسمها ذلك القانون من إصدار القوانين أو المراسيم أو الأنظمة أو التعليمات أو الأوامر الرسمية لمصلحة شخص أو فئة معينة من الأشخاص على حساب الصالح العام خلافاً للمبادئ الرئيسية للقانون الأساسي. ج-التدخل أو التأثير في أعمال السلطة القضائية أو التنفيذية لحملها على إصدار الأحكام أو لقرارات أو الأوامر أو لحملها على اتخاذ الإجراءات التي تتنافى أو تتناقض مع أحكام القانون الأساسي أو التشريعات المرعية. د-التدخل في حرية الانتخابات العامة أو تزييفها أو تزويدها لمصلحة فرد أو فئة. هـ-التأثير على الروح المعنوية للشعب بإشاعة الرعب بين أفراده لإضعاف قدرته على تحمل مسؤولياته وممارسة حقوقه. و-منع أو عرقلة تنفيذ التشريعات التي ترمي إلى تحقيق العدل الاجتماعي والمساواة بين المواطنين. ز-تبديد الثروة القومية بصرف نفقات لا تقتضيها طبيعة المشاريع أو التعامل المتعارف عليه أو لا تتناسب مع كلفتها الحقيقية أو بالصرف على مشاريع وهمية أو غير ضرورية أو تعريض أموال الدولة للتلف. ح-التهاون في تحصيل أموال الدولة في الداخل أو الخارج أو المساعدة على التهرب من دفع ما تستحقه الدولة من أموال كالضرائب والرسوم والعوائد أو عدم استعمال الطرق القانونية لتحصيل هذه الأموال. ط-قبول الأموال من الدول أو الأشخاص خلافاً للمصلحة العامة.المادة الثالثة يعتبر التدخل من غير المذكورين في المادة الثانية في حكم إفساد نظام الحكم إذا كان المتدخل قد استغل صلته بأي سلطة عامة".وهكذا ضمّ هذا القانون ثلاثاً وعشرين مادة اختصت في بابها الأول بالجرائم الخاصة بالتآمر على الوطن واختصت في بابها الثاني في إجراءات التحقيق والمحاكمة والحكم وذلك بشأن معاقبة المتآمرين على سلامة الوطن ومفسدي نظام الحكم في العراق قبل ثورة 14 تموز من العام 1958.إن هذا القانون يبيّن كيفية تشكيل المحكمة ومدى صلاحيتها ومواد الاتهام التي تدخل ضمن اختصاصها وكيفية إجراء التحقيق والمحاكمة والحكم كما بين كيفية تشكيل هيئة التحقيق الخاصة والهيئة الاستشارية وهيئة الادّعاء العام وواجب كل من هذه الهيئات.وهذا كله بدوره يعطي القارئ الفرصة للمضي في تتبع محاضر الجلسات التي ضمّها هذا الكتاب، والتي تأتي بمثابة دراسة سياسية واجتماعية للعهود المظلمة التي اجتازها العراق. وبعد قيام الثورة في 14 تموز تمّ نصب ميزان العدالة لإدانة الخونة والمارقين من أعداء الله والوطن وكان لنشر هذه الوثائق السرية دوراً عظيماً في إطلاع القارئ على اتفاقات ترفع الستار عن السياسة الاستعمارية التي تنتهجها دول الاستعمار حيال الشعوب في تلك الفترة (الخمسينات). وهذه المراحل من المحاكمات السياسية التي كانت الأولى من نوعها في العراق في تلك الفترة تعطي القارئ فكرة واضحة عن بواعث الفساد والانحلال اللذين رانا على العراق في عهود ما قبل الثورة، كما أنها تصور إلى أي مدى كانت الأمور تجري من وراء ستار وفي سبيل الاستغلال والمنفعة الذاتية دون أن يعبأ الحاكمون بكيان الشعب الذي يستنزفون كل قطرة من دمه. وفي الجزء الأول من كتاب المحاكمات هذه سيتم تقديم المتهم الأول في المؤامرة الاستعمارية ضد سورية في تلك الفترة، وسيتم تقديم تفاصيل المحاضر الرسمية لمحاكمة غازي داغستاني مع الحرص على ذكر كل ما ورد فيها بحيث لم تترك شاردة ولا واردة إلا وقد تمّ إحصاؤها من خلال الاستعانة بمحاضر كتاب الضبط في المحكمة وبأشرطة تسجيل الجلسات التي سجلتها إذاعة الجمهورية، وستتوالى جميع محاضر المحاكمات بالأجزاء اللاحقة من هذا الجزء.