يوم كانت تنظر الى أسراب السمان تغادر الحرش، كانت تظن أنها تغادر نحو الصقيع، ولكنها الآن أدركت أنها تغادر الى المكان الذي ولدت فيه. تتقافز الذكريات من رؤوس أصابعها، فتخرق الجسد الملتصق بالسرير المدمى الى رأس ذيب يوم اللقاء الأول تحت تلك السنديانة، وتمتد يدها الى شعره، تشده فتختلط آهته المنداحة في أذنيها،... ملتبسة الحب، فتصدقه، ر...
قراءة الكل
يوم كانت تنظر الى أسراب السمان تغادر الحرش، كانت تظن أنها تغادر نحو الصقيع، ولكنها الآن أدركت أنها تغادر الى المكان الذي ولدت فيه. تتقافز الذكريات من رؤوس أصابعها، فتخرق الجسد الملتصق بالسرير المدمى الى رأس ذيب يوم اللقاء الأول تحت تلك السنديانة، وتمتد يدها الى شعره، تشده فتختلط آهته المنداحة في أذنيها،... ملتبسة الحب، فتصدقه، رغم أنها تعرف زيفها مثل آلاف الآهات والهمهمات التي تبدأ بعد كل مرة حين تسقط فيها الدانتيلا عن خصرها المخضل، مع بداية كل ليل حتى أول نور الشمس، تأخذ آخر زنابق اليوم المتعب معها الى الشطر الثاني من روحها، لكنها تذبل في يدها قبل أن تلج القنطرة الفارغة الخرساء الى البيت البعيد الذي ولدت ذات فجر في زاويته الشمالية، وهي ترى أمها ما زالت تنتظر أمام الباب المفتوح أبداً. كيف طاوعت رغبتها بالانعتاق من الطوق الضيق نحو وهم اعتقدت أن فيه حريتها الى آخر العمر؟