مؤلف هذا الكتاب، هو آثر كريستنسن، أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة كوينهاجن، الذي يعد من خير من كتبوا عن إيران قبل الإسلام وبعده. وقد عنى كريستنسن بدراسة تاريخ إيران قبل الإسلام، واستغرق هذا الموضوع كثر كتاباته. ولا شك أن ما أتيح له من الدراسة الجدية في صباه ومعها استطاع أن يحصله من معرفة باللغات واللهجات القديمة ثم إتقانه للغتين...
قراءة الكل
مؤلف هذا الكتاب، هو آثر كريستنسن، أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة كوينهاجن، الذي يعد من خير من كتبوا عن إيران قبل الإسلام وبعده. وقد عنى كريستنسن بدراسة تاريخ إيران قبل الإسلام، واستغرق هذا الموضوع كثر كتاباته. ولا شك أن ما أتيح له من الدراسة الجدية في صباه ومعها استطاع أن يحصله من معرفة باللغات واللهجات القديمة ثم إتقانه للغتين العربية والفارسية واللغات الأوربية المختلفة. ولا شك أن هذا كله قد أتاح له أن يستخدم في أبحاثه من الأدوات ما يجعل لهذه الأبحاث أصالة وجدة.لقد استطاع كريستنسن أن يرجع إلى النقوش والآثار والنقود القديمة وأوراق البردي، واطلع على المصادر المسطورة من يونانية ولاتينية وأرمينية وسريانية. والذي يتابع إنتاج كريستنسن يعجب لما في هذا الإنتاج من الخصب والقوة ويعجب لهذا العالم كيف أتيح له أن يقرأ هذا كله.وفي اشهر مؤلفات كريستنسن هذا الكتاب الذي بين أيدينا والذي يتحدث فيه عن النظم الإدارية أيام الساسانيين وبين ما نقل من هذه النظم إلى الدولة الإسلامية فيما بعد، كنظام الوزارة واختصاصات كبير الوزراء وكنظام الدواوين والجباية، كما وتحدث عن المذاهب الدينية موضحاً ما غمض على الكتاب المسلمين من آراء الزنادقة في العصر الإسلامي، وبمناسبة البحث عن المذاهب الدينية شرح كريستنسن ما كان يجري في أعياد الساسانيين مما يفيد في توضح ما احتفظ به الفرس المسلمون في هذه الأعياد.وفي الفصل الذي تحدث فيه عن النصارى بين ما كان من اضطهاد الدولة لهم أو تسامحها معهم حسب السياسة التي كان يتبعها كسرى، كما بين ما كان بين فرق النصارى من الخلاف وما كان يقع على لفيف منهم نتيجة هذه الخلافات، وقد تحدث بإسهاب عما كان بين اليعاقبة والنساطرة بوجه خاص. وهذا يكشفا عما كان فيه النصارى في إيران وما يتبعها من بلاد من القلق والضيق قبيل ظهور الدعوة الإسلامية.ويوضح الكتاب ما كانت عليه إيران من ازدهار الثقافة، الدعوة الإسلامية، أيام كسرى، وأنوشروان، أي قبل الإسلام بقربة ستين سنة، فقد عمل كسرى على نقل الآثار الفلسفية والعلمية من اليونانية والهندية إلى بهلولية، وأحسن لقاء الفلاسفة الإغريق الذين طردوا من أتينا وأمر بفتح المدارس في بلاده ليعلموا فيها، ورأس المناظرات التي جرت بينهم وبين علماء النفس، ودارت المناقشات حول الدين والفلسفة وأيهما أول بالإتباع، وحول الجبر والاختيار وغيرها من مواضيع الفكر.