ما زال شبح ت.س.إليوت يسيطر على الأعمال الشعرية والأدبية في العالم، على الرغم من أن وجوده العملاق الدائم يمر بدورات من ازدياد "شعبيته" فانخفاضها وارتفاعها مجدداً في مَوْطِنَيْ لغته الأم، الولايات المتحدة وبريطانيا. ومما لا شك فيه أن مدى تأثيره هذا يعود لنجاحه في ترجمة التجربة الإنسانية بأكملها وشمولها إلى الشعر. وعلى الرغم من اعت...
قراءة الكل
ما زال شبح ت.س.إليوت يسيطر على الأعمال الشعرية والأدبية في العالم، على الرغم من أن وجوده العملاق الدائم يمر بدورات من ازدياد "شعبيته" فانخفاضها وارتفاعها مجدداً في مَوْطِنَيْ لغته الأم، الولايات المتحدة وبريطانيا. ومما لا شك فيه أن مدى تأثيره هذا يعود لنجاحه في ترجمة التجربة الإنسانية بأكملها وشمولها إلى الشعر. وعلى الرغم من اعتماده على تجربة المرء الخاصة فإنه يجعل الإنسان ماثلاً بأكمله أمام القارئ، إذ أن دخول إليوت في تفاصيل تكوين بيئة القصيدة، أو وصف ناحية معينة من التجربة الإنسانية، في مكان معين أو في زمن معين، لا يعتمد على عزل ناحية ما من حياة الإنسان أو من التجربة الإنسانية بغية إبراز وجهة نظر معينة من التجربة الإنسانية، في مكان معين أو في زمن معين، لا يعتمد على عزل ناحية ما من حياة الإنسان أو من التجربة الإنسانية بغية إبراز وجهة نظر معينة.وفي قصائده عامة وخصوصاً في صور الحضارة الأوروبية التي يثيرها شعره، ومن خلالها الحضارة الإنسانية التي تبدو ماثلة بتمامها في جميع الأوقات، ينتقل إليوت من لغة إلى أخرى بين الكلمات ومن صورة إلى أخرى بين الأزمان، بالبساطة ذاتها وبالطريقة المباشرة ذاتها. كما أنه من الجلي طبعاً، مما عمل إليوت جاهداً على إبرازه وتوضيحه هو أن تلك النظرة الشاملة في كمالها لا تنحصر في موقفه من التجربة الإنسانية فقط بل تشمل أيضاً مضمون هذه التجربة من الوجود والتاريخ والأزلية. فالماضي والحاضر والمستقبل لدى إليوت وحدة لا تتجزأ. وهذه هي الناحية التي تحاول هذه الدراسة إبرازها.