إن عالمنا تحكمه مجموعة من القوانين والسنن الآلهية، وإن على هذه القوانين والسنن قوانين أخرى حاكمة عليها، وكلما إزداد المخلوق إحاطة ومعرفة بهذه القوانين كان أقدر على التصرف بهذا العالم، والعلم الذي يعطي قدرة التصرف لا يتم الحصول عليه إلا بيقين، ونحن نجد أن ما من ظاهرة من ظواهر الطبيعة إلا وتصرف فيها ولياً من أولياء الله الصالحين ب...
قراءة الكل
إن عالمنا تحكمه مجموعة من القوانين والسنن الآلهية، وإن على هذه القوانين والسنن قوانين أخرى حاكمة عليها، وكلما إزداد المخلوق إحاطة ومعرفة بهذه القوانين كان أقدر على التصرف بهذا العالم، والعلم الذي يعطي قدرة التصرف لا يتم الحصول عليه إلا بيقين، ونحن نجد أن ما من ظاهرة من ظواهر الطبيعة إلا وتصرف فيها ولياً من أولياء الله الصالحين بإذنه تعالى، فتصرف نوح عليه السلام في الماء في طوفانه، وتصرف فيه موسى عليه السلام بشقه عصاه، وتصرف فيه أولياء الله بالسير عليه، وتصرف داود عليه السلام بالحديد فألانه الله له، وتصرف سليمان عليه السلام في الهواء...بل أن هناك بعض التصرفات الكونية يحسبها الكثير من الناس ما لا يجوز نسبتها إلى غير الله كالإحياء والأمانة التي تصرف بها نبي الله إبراهيم عليه السلام، وكذلك عيسى عليه السلام...فمظاهر الولاية الكونية التي لأولياء الله كثيرة جداً. والسبب القريب للتصرف في هذه الظواهر الكونية قائم على ثلاثة إحتمالات: الإحتمال الأول: إن المتصرف بهذه الظواهر الكونية هو الله سبحانه وتعالى فقط من دون توسط وليه، وليس للولي أي تأثير سوى الدعاء. الإحتمال الثاني: هو أن التصرف في نظام التكوين من قبل أولياء الله نتيجة لعقولهم المتكاملة التي سبقت أصل زمانهم، فهم إطلعوا على قوانين الطبيعة الحاكمة وتصرفوا في نظام التكوين. اإحتمال الثالث: إن المتصرف بنظام التكوين حقيقة هو النبي أو الولي بسبب غالب، ولكن تصرفه ليس بالإستقلال وبمعزل عن قدرة الله تعالى عز وجل، بل بإذنه وإقداره تعالى، فالولي الذي إختصه الله بكرامته هو الذي يكون قادراً على التصرف في التكوين كما نتصرف نحن بأبداننا حقيقة مع إحتفاظنا بنسبتها إلى الله تعالى لا إستحالة إنفكاكها عن الإذن الآلهي. وهكذا يمضي المؤلف في بيان الدلالية التكوينية والذي جاء بمثابة بحث ضمن بحوث ضمها هذا الكتاب بين دفتيه والتي جاءت على النحو التالي: مبحث العصمة، التنزيه، النص على الإمامة، العلم الخاص الذي عند آل البيت عليهم السلام، والدلالية التكوينية، الدور التكويني للإمام عليه السلام، وحدة المرجعية التشريعية، الأسوة الحسنة والمجسمة لتمام القرآن الكريم، العلاقة بين تعدد دائرة العصمة والأسوة الحسنة، الخلافة والحاكمية للأئمة الأطهار عليهم السلام، مقام الشفاعة الكبرى.