يعد كامل الجادرجي، بما امتلك من مؤهلات ثقافية، ومكانة اجتماعية، وبما اتخذ من مواقف مبدأية ثابتة، واحداً من أبرز ساسة المعارضة في تاريخ الطرق السياسي المعاصر. عرف بالجرأة. بأسلوبه الخاص في التفكير. لم يكن عنيفاً في تعامله اليومي، ولكنه كان غير ذلك في منهجه السياسي، فكان متمسكاً بآرائه وطروحاته. آمن الجادرجي بالديمقراطية عقيدة سيا...
قراءة الكل
يعد كامل الجادرجي، بما امتلك من مؤهلات ثقافية، ومكانة اجتماعية، وبما اتخذ من مواقف مبدأية ثابتة، واحداً من أبرز ساسة المعارضة في تاريخ الطرق السياسي المعاصر. عرف بالجرأة. بأسلوبه الخاص في التفكير. لم يكن عنيفاً في تعامله اليومي، ولكنه كان غير ذلك في منهجه السياسي، فكان متمسكاً بآرائه وطروحاته. آمن الجادرجي بالديمقراطية عقيدة سياسية، ورأى فيها الوسيلة الأفضل، والضمانة الأكيدة لحل مشكلات البلاد كافة، كما وآمن من الجادرجي بقضايا العرب ووحدة مصيرهم دون تعصب، أو تطرف، وقدر واقع المجتمع العراقي، وضرورة ضمانة وحدته على أسس رصينة تأخذ بنظر الاعتبار ظروف البلاد الخاصة دون تفريط أو إجحاف لهذه الفئة أو تلك.لقد كان الجادرجي مخلصاً لأفكاره، متمسكاً بها، فلم يضعف يوماً أمام كرسي الحكم ومغرياته، عانى الكثير، ودخل السجن فظل يحكم كل ذلك، وغير ذلك، رمزاً وطنياً بارزاً في تاريخ العراق السياسي، وكسب احتراماً واسعاً، وشهرة كبيرة في الداخل والخارج. ولعل استمراره في معارضة الأنظمة التي أتعبت النظام الملكي وأحراره في المطالبة بالديمقراطية خير دليل على إخلاصه للمبادئ التي نادى بها طيلة حياته.وبالرجوع لمضمون البحث الذي بين أيدينا نجد أنه يهدف إلى تقديم دراسة وافية لتلك الشخصية (شخصية كامل الجادرجي) والعوامل التي أحاطت بتكوينها الفكري، وإبراز دورها في حركة المعارضة السياسية، وهي تعقد بما قدمت من معلومات على معطيات المنهج التاريخي. كما ولم تكتف بسرد الروايات التاريخية التي وردت في ثنايا المصادر التاريخية، بل تعتمد إلى حد ما على منهج النقد والتحليل في تثبيت الحقائق التاريخية. والبحث بشكل عام مقسم على خمسة فصول: تناول الفصل الأول الرحلة الأولى من حياة كامل الجادرجي حتى عام 1932 وأثرها في تكوين شخصيته السياسية، تضمن نشأة الجادرجي وثقافته وبدايات حياته العملية، نشاطه السياسي للمدة 1927-1932. أما الفصل الثاني، فقد خصص لدراسة موقفه من التطورات السياسية في العراق للمدة 1932-1945، فتطرق إلى دورة في جماعة الأهالي، ومساهمته في انقلاب بكر صدقي 1936، كما تم فيه دراسة أهم الإنجازات التي قامت بها وزارته (الاقتصار والمواصلات)، فضلاً عن دعوته لتأسيس حزب الإصلاح الشعبي، كما تم توضيح معارضته لتسلط بكر صدقي ومن ثم استقالته احتجاجاً على تلك الممارسات. وأيضاً نشاطاته خلال الحرب العالمية الثانية 1939-1945، ولا سيما موقفه في تردي الأوضاع الاقتصادية خلال المدة المذكورة. بينما كرّس الفصل الثالث لتوضيح دورة في الحياة السياسية في الطرق للمدة 1946-1953، تم من خلال مناقشة موضوع بعث الحياة الحزبية وزعامته للحزب الوطني، كما تم التطرق إلى موقفه المساند للاضطرابات والانتفاضات التي حدثت خلال تلك الفترة، ومنها إضراب عمال النفط في كركوك 1946... أما الفصل الرابع: فقد خصص لدراسة موقفه من التطورات السياسية في العراق للمدة 1953-1958، ثم التطرف من خلاله إلى علاقته بحكومتي المدفعي السادسة والسابعة، وتوضيح دورة دعم وإسناد إضراب عمال شركة النفط البصرة عام 1953، فضلاً عن دورة في الانتخابات النيابية لعام 1954، كما تضمن موقفه المعارض لحكومة نوري السعيد الثانية عشر، فضلاً عن مناقشة دورة في محاولة تأسيس حزب المؤتمر الوطني عام 1956، ودورة في التمهيد لتأسيس جبهة الاتحاد الوطني التي انبثقتا في شباط 1957، تطرق الفصل أيضاً إلى دراسة موقفه من السياسة الخارجية للحكومة ولا سيما معارضة لاتفاقية المساندات العسكرية الأميركية 1954 ورفضه للاختلاف العسكرية، فضلاً عن موقفه من القضايا العربية، وأخيراً محاكمته والحكم عليه. أما الفصل الخامس والأخير، تمت فيه مناقشة موقف الجادرجي من الحكم الجمهوري حتى وفاته (أي من تموز 1958 حتى شباط 1968).