مجدداً تتعامد هذه الدراسة على جماعة الديوان (عباس محمود العقاد، إبراهيم عبد القادر المازني، عبد الرحمن شكري)، وهي الجماعة التي أولاها الباحثون عناية كبيرة، بدافع الضجة الهائلة والجدل الصاخب اللذين أثارتهما الجماعة إبان ظهورها، وقترنا باسمها إلى الآن، بينما تكمن الإضافة النوعية التي تنجزها هذه الدراسة في محاولاتهما الدؤوب لتأسيسي...
قراءة الكل
مجدداً تتعامد هذه الدراسة على جماعة الديوان (عباس محمود العقاد، إبراهيم عبد القادر المازني، عبد الرحمن شكري)، وهي الجماعة التي أولاها الباحثون عناية كبيرة، بدافع الضجة الهائلة والجدل الصاخب اللذين أثارتهما الجماعة إبان ظهورها، وقترنا باسمها إلى الآن، بينما تكمن الإضافة النوعية التي تنجزها هذه الدراسة في محاولاتهما الدؤوب لتأسيسي وعب بحثي مسحى بمفاهيم النقد ومصادرها عند جماعة الديوان، وغيرها، رغبة من استشكاف موضوعات فائقة الحيوية-كعمليات تداخل الثقافات وفعالية المفاهيم وتناصها-في تاريخنا النقدي الحديث، بدافع تحقيق القول في مصادر المفاهيم الجديدة، وغير الجديدة، التي رافقت النشوء وأسهمت في تشكيل وعي الجماعة وخطابها المتحدين والمتعددين في أن معاً. في هذا المدار، يعالج د. مجدي أحمد توفيق-بإجراءات بحثية متراكبة-المفاهيم التي اعتمدتها جماعة الديوان في كتاباتها، وبخاصة المفاهيم الفاعلة فيها، والنصوص-الثقافية تحديداً-المتفاعلة في تكوين هذه المفاهيم، وصولاً على تحليل الخطاب النقدي للجماعة ارتكازاً على الكتابات الأساسية: الديوان الشعر غاياته ووسائطه، الثمرات، وغيرها. كما تستقصي الدراسة عملية التناص في الخطاب النقدي لجماعة الديوان، بما يتفرع عنها من آليات، كما تتقصى مصدر الآليات نفسها. وخصصت الدراسة فصلين لمستويات علاقة المصدرين العربي والغربي بمنظومات كتابات ومعارف الجماعة، لتحديد هذه المصادر وطرق تفاعلاتها، وصور الحضور والغياب التي تحققت لها في كتابات الديوان. وتستخلص الدراسة، في خاتمتها، قانونين بسيطين، لكنهما جوهريان، الأول مؤاده أن خطاب الجماعة يتفاعل مع المفاهيم المخلخلة للثقافة تفاعلاً طردياً، ويتفاعل مع المفاهيم السائدة النمطية تفاعلاً عكسياً، أي إن الخطاب ينمي ما يخلخل الثقافة، ويقاوم ويزيج ما هو نمطي سائد فيكون بهذا المسلك منتجاً لصورة جديدة من الخطاب، ومخالفة للصور المتداولة، والثاني مؤداه أن خطاب الجماعة يتفاعل مع المفاهيم العامة في المصادر الغربية تفاعلاً إيجابياً، ويزيح تفصيلات المفاهيم ودقائقها، والمفاهيم التي لا تحوز قدراً حسناً من الشيوع، لقد انتخبت هذه الدراسة-المهمة-لنفسها موضوعاً شديداً الحيوية، بمسلك منهجي مجاوز للمنطق السببي، بينما تعبد الطريق، وتدفع الباحثين، لدراسة النقد باعتباره باباً من أبواب دراسة الهوية.