على مدار العشرين عاما الماضية أصبحت العلوم القائمة على الاستقصاء النموذج الأكثر قبولا وبلا منافس في تدريس العلوم للصفوف من الروضة وحتى 12 في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث لاقى قبولا لدى غالبية معلمي العلوم، كما أن عدداً كبيراً منهم يعتبره مجالاً محورياً للعديد من المواد المرجعية والمصادر. وفي الوقت الراهن، يؤكد معظم المتخصصين ...
قراءة الكل
على مدار العشرين عاما الماضية أصبحت العلوم القائمة على الاستقصاء النموذج الأكثر قبولا وبلا منافس في تدريس العلوم للصفوف من الروضة وحتى 12 في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث لاقى قبولا لدى غالبية معلمي العلوم، كما أن عدداً كبيراً منهم يعتبره مجالاً محورياً للعديد من المواد المرجعية والمصادر. وفي الوقت الراهن، يؤكد معظم المتخصصين في التربية العلمية ومعلمو العلوم (إن لم يكن كلهم) على ممارستهم للاستقصاء ويشيدون بمميزاته. إذن لماذا يتم نشر كتاب آخر عن تدريس العلوم بالاستقصاء؟ ألم يتم الحديث عن كل ما يتعلق به؟لدينا دوافع عدة تدعونا للكتابة عن تدريس العلوم بالاستقصاء، أولها يتعلق بالافتراضات التقليدية بما يمثله ويعنيه الاستقصاء العلمي، فتزايد عدد الباحثين في التربية العلمية الذين يعتقدون أن الطريقة السائدة في تعريف الاستقصاء العلمي التي تركز على أنشطة العلماء خاطئة، وهذا التركيز الخاطئ يتضح في الممارسات الصفية التي لا تعطي الصورة الحقيقية للعلم. ولذا فإننا نهدف إلى كسر ما هو مألوف هنا ونختار نهجا ومنحى مختلفا، عن طريق إقامة الحجة على أن الاستقصاء العلمي يفهم بشكل أفضل من خلال الغاية الأساسية للعلماء، وهي تطوير النماذج العلمية. إن هذا التحول في تصورنا عن الاستقصاء العلمي- من التعريف القائم على ما يفعله العلماء إلى ما يهدفون لإنجازه- له تأثيرات مهمة في طريقة عرض المعلمين للعلوم القائمة على الاستقصاء وتدريسهم لها. ولذلك فإن القسم الأول من هذا الكتاب مخصص لوصف كيفية صنع النموذج في العلوم، وكيف أن السعي وراء النماذج العلمية يمكن استخدامه في تعريف الاستقصاء في الفصول الدراسية.ثانيا، بينما كان مجتمع التربية العلمية يعمل في محاولة البحث عن فهم أفضل لكيفية تدريس العلوم، نجد أن الباحثين في مجال علم النفس المعرفي أيضا منشغلون بالدراسات التي تبحث في كيفية تعلم الأطفال للاستدلال بشكل علمي. وللأسف نجد أن علماء التربية العلمية وعلماء علم النفس المعرفي ينشرون بحوثهم في مجلات منفصلة، ولهم مؤتمراتهم المنفصلة، ونتيجة لذلك نجد أن معظم المعلمين والعديد من باحثي التربية العلمية يجهلون إلى حد كبير إسهامات علماء النفس المعرفي وآخر ما توصلوا إليه من بحوث فيما يتعلق بفهم الطرائق الفعالة لتدريس الاستقصاء العلمي أو القائمة على الاستقصاء العلمي. علاوة على ذلك فإن العديد من المفاهيم والأفكار الموجودة في علم النفس المعرفي؛ مثل: العبء المعرفي والانحياز التأكيدي ونقل المهارة، تزودنا بنظرة لا تقدر بثمن في كيفية تعلم الطلبة وكيفية تدريس مثل هذه المفاهيم والأفكار التي لا نعيها في الفصول الدراسية. ونعتقد أن هذه النتائج ترغمنا وتفرض علينا مشاركتها على نطاق أوسع لاسيّما المعلمين الذين يكرسون أنفسهم لتدريس العلوم بالاستقصاء العلمي، وبناء على ذلك سوف يجد القارئ مجموعة من مفاهيم علم النفس المعرفي لها علاقة بالاستقصاء العلمي في جميع أقسام الكتاب.لقد اخترنا في النهاية وضع تأكيد وتركيز أكبر على التطبيقات العملية للمعلمين حتى يستخدموها في فصولهم الدراسية، ويسترشدوا بها. وتحقيقا لهذه الغاية أدرجنا في الكتاب العديد من العينات والمشكلات الميدانية التي تم اختبارها ميدانيا من قبلنا لمدة تزيد عن 10 سنوات مع المعلمين في أثناء الخدمة، والمعلمين المتدربين (ما قبل الخدمة) وطلبة الصفوف من الروضة حتى الثامن، وقد حولت النتائج المهمة للبحوث إلى سيناريوهات تدريسية قابلة للتطبيق في هذه الصفوف، وكل فصل من فصول الكتاب يتضمن نماذج من هذه المشاكل تتسق مع الاستقصاء العلمي. إننا نأمل أن يساعد هذا الكتاب المعلمين الراغبين في تطوير مهاراتهم وثقتهم في تدريس العلوم بالاستقصاء العلمي، وفي توسيع حصيلتهم من الموارد خلال التخطيط للتدريس.من الذي ينبغي أن يقرأ هذا الكتاب؟يخدم هذا الكتاب فئات مختلفة؛ هم: معلمو العلوم المتدربون (ما قبل الخدمة)، ومعلمو العلوم الممارسون للمهنة، والأساتذة التربويون المعنيون بتدريس مقررات طرائق التدريس، وأساتذة العلوم الذين يدرسون علوم الأحياء والكيمياء والفيزياء للطلبة المعلمين الذين سوف يدرسون طلبة الصفوف من الروضة إلى الثامن، واستشاريو العلوم ومسؤولو المعلمين المعنيون بتنظيم فرص الإنماء المهني. إن جميع هؤلاء سوف يجدون الكتاب مفيدا لهم، إضافة إلى ذلك يمكن أن يناسب الكتاب الدراسة الذاتية، أو للاستخدام في المجموعات الصغيرة أو الكبيرة، أو لتدرسيه بطريقة رسمية أو غير رسمية في الفصول الدراسية.