"تصورته يمزح معها. أجلسها فوق الصندوق العتيق وراء نضيدة الفراش. رغبة لم تألفها، تملكتها لتعرف من خلال يده القوية المضطربة مجاهل عالمها المغلق. لم تكن تراه، كانت عيناها تسقطان في منتصف صدره. عندما حاولت دفعه عنها وجدت نفسها تتلاشى تحته وتفقد قوتها. كانت كلماته تنهال فوق رأسها مثل مطرقة وتملأ أسماعها بدوي هائل كما لو كان صادراً من...
قراءة الكل
"تصورته يمزح معها. أجلسها فوق الصندوق العتيق وراء نضيدة الفراش. رغبة لم تألفها، تملكتها لتعرف من خلال يده القوية المضطربة مجاهل عالمها المغلق. لم تكن تراه، كانت عيناها تسقطان في منتصف صدره. عندما حاولت دفعه عنها وجدت نفسها تتلاشى تحته وتفقد قوتها. كانت كلماته تنهال فوق رأسها مثل مطرقة وتملأ أسماعها بدوي هائل كما لو كان صادراً من ماكنة قطار، ولم تعد تحس إلا بخدر لذيذ لا ينتهي، غرقت فيه، ثم، وهي تحلق في الهواء من خلال ضوء المساء المعتم، رحلت عيناها الشاخصتان، نحو السقف الأسود ومثل حلم برقت في ذهنها المأخوذ فكرة تنظيفه بسعفة طويلة، ومرة أخرى رحلت مع الحلم العجيب إلى عالم مملوء بالمتعة أيقظها منه انحسار اللحاف عن جسدها الصغير. فتحت عينيها المملوءتين نوماً، كانت ترقد غافية حالمة. وكان وجهها شاحباً وأحست بأن يداً يابسة مثل جريدة النخل تدب فوق بطنها العاري ومن خلال النوم رأت الأصابع اليابسة، نفضت رأسها وتطلعت بعيونهن الكابية. أمامها ارتسمت سلسلة من العيون المتداخلة ببعض. ثمة اضطراب تصورته ما زال جاثماُ فوقها فتحت فمها وأطلقت صرخة كتمتها يده القوية، إنها تختنق. لم يكن هو. كانت يد أخرى ولم تستطع الإصغاء جيداً. لم تكن تستطيع تحريك أقدامها، كانتا تنوءان تحت ثقل رهيب، وقد بدا لها حديثهن همساً ورموزاً حاولت النهوض بجسدها المسمر باتجاه الفراش فوق أرضية الغرفة الرطبة".