أربعون مسألة في أصول الدين" رسالة تتطرق لمسائل في علم الكلام على الطريقة الأشعرية، فتتحدث عن معرفة الله، حيث يخلص مؤلفها إلى أن معرفة الله ليست ضرورية وإنما هي واجبة لأن معرفته تعالى لحسبية نظرية وأولها معرفة ما يجب وما يجوز وما يستحيل في حقه سبحانه.ولما كانت معرفة الله واجبة بنظر السكوني المصنف فلا بد إذاً أن يعرف المرء ما يجب ...
قراءة الكل
أربعون مسألة في أصول الدين" رسالة تتطرق لمسائل في علم الكلام على الطريقة الأشعرية، فتتحدث عن معرفة الله، حيث يخلص مؤلفها إلى أن معرفة الله ليست ضرورية وإنما هي واجبة لأن معرفته تعالى لحسبية نظرية وأولها معرفة ما يجب وما يجوز وما يستحيل في حقه سبحانه.ولما كانت معرفة الله واجبة بنظر السكوني المصنف فلا بد إذاً أن يعرف المرء ما يجب له، وما يستحيل في حقه، وما يجوز. لأجل هذا نرى السكوني يعدد في رسالته هذه الصفات الواجبة ويذكر أضدادها من المستحيلات، ثم يذكر إن الله لا يجب عليه شيء إطلاقاً، فجائز أن يخلق الله العالم وجائز ألا يفعل، وقس على ذلك، وهذا المبدأ هو آذى عرف في إطار المذهب الاشعري بمبدأ التجويز. لا أنه يجد نفسه أمام إشكال متعلق بمعرفة الله "من مات وهو لم يعلم ما يجب، ما يستحيل، وما يجوز في حق الله، هل هو هالك أو ناج؟".ويورد السكوني بهذا الصدد جوابين أشعريين مختلفين أحدهما لأبي الحسن الأشعري الذي يرى أن الناس على قسمين "عالم أو جاهل بالله تعالى. فالعالم ناج والجاهل هالك" وثانيهما لأبي الطيب الباقلاني الذي يرى أنه "إن اعتقد بقلبه الحق في حق الله تعالى فإنه ناج" لأنه أقرّ بلسانه والإقرار باللسان كافٍ ليجعله من زمرة المؤمنين إنما ينقصه التعبير عما يعتقد فهو عارف بقلبه فلو "أنا عبرنا له عبارة ظاهرة وسردنا له الأدلة لوافقنا وعقل معنا لكنه ضيع فهو ملوم على ذلك من غير أن نخرجه من أهل القبلة. وكذلك سائر عامة المسلمين "أسلموا بألسنتهم واعتقدوا بقلوبهم، ونقصتهم العبادة، فجميعهم مؤمن، مسلم".أمام هذا التعارض في الموقف بين أشعريين من كبار أقطاب هذا المذهب كان لزاماً على السكوني أن يرفع هذا التعارض بينهما من خلال التوفيف، ذلك أنه رأى أن لا خلاف بين الشيخين لأن مفهوم الجهل يقتضي اعتقاد المعتقد على خلاف ما هو عليه لكن اعتقاد المسلمين ليس كذلك فلزم أن يكون اعتقاد المسلمين جميعهم، اعتقاد العارفين الناجين.وفي موضوع المعرفة وحدودها يخصص السكوني بعض مسائل كتابه لهذا الموضوع فيتحدث عن المعرفة بصفة عامة وشروطها وحدودها. وينطلق من الطرح القائل بضرورة وجود الذات العارفة، والموضوع المعروف، باعتبارهما شرطين أساسيين في عملية المعرفة، أو ما يسميهما بالإدراك والمدرك. فالعلاقة بين الاثنين إما أن تكون علاقة اتصال كالذوق واللمس فلا بد من اتصالهما حتى تتم عملية الإدراك، أو أن تكون علاقة انفصال، كما يتم في عملية الرواية، فنحن نرى الأشياء من بعيد وندركها دون أن تلمس أعيينا، أو أن تكون علامة اتصال وانفصال كما يحدث بالنسبة لحاستي الشم والسمع فقد يلامس الموضوع المدرك حواسنا الشمية، أو السمعية، وقد لا يفعل. هذا ملخص سريع لبعض مضامين المسائل التي تحدث عنها السكوني في رسالته هذه والتي جاءت على صغر حجمها واسعة المبنى والتحليل.