عرف القرن الهجري السابع ومطلع الذي يليه مدرسة بلاغية عربية مغربية تستحق أن يوليها المهتمون بالدراسات النقدية والبلاغية المقارنة عنايتهم، ويخصوها بتتبعاتهم. وهي مدرسة يبدو واضحا، من خلال الآثار التي تركها لنا أعلامها، أنهم كانوا جميعا - مع تمكنهم حق التمكن من اللغة العربية وآدابها بعامة، ومن الدراسات النقدية والبلاغية العربية بخا...
قراءة الكل
عرف القرن الهجري السابع ومطلع الذي يليه مدرسة بلاغية عربية مغربية تستحق أن يوليها المهتمون بالدراسات النقدية والبلاغية المقارنة عنايتهم، ويخصوها بتتبعاتهم. وهي مدرسة يبدو واضحا، من خلال الآثار التي تركها لنا أعلامها، أنهم كانوا جميعا - مع تمكنهم حق التمكن من اللغة العربية وآدابها بعامة، ومن الدراسات النقدية والبلاغية العربية بخاصة - أحسن اطلاعا على منطق أرسطو ، وأعمق فهما لمضمون كتابيه (الشعر) و ( الخطابة)، من النقاد والبلاغيين الذين عرفتهم القرون السابقة في مشرق الوطن العربي ومغربه، فقد تم نقل كتب أرسطو إلى العربية في أواخر القرن الهجري الثلث.ولقد استطاع رجال هذه المدرسة،بفضل ثقافتهم العربية العميقة والمتفتحة على التفكير الأرسطي ، أن يفيدوا الدرس البلاغي العربي، بتلقيحه ببعض الأفكار الهيلينية تلقيحا ينم في الغالب عن فهم ووعي جديرين بالتقدير.وقد اعتمد محقق الكتاب في نشره إياه على مخطوطتين : إحداهما محفوظة في خزانة المعهد الديني العالي بتطوان يرجع تاريخ نسخها إلى سنة 990هـ، والثانية من مخطوطات مكتبة الدولة في المملكة السويدية تم نسخها سنة 802 هـ . والمخطوطتان كلتاهما لا تسموان إلى مرتبة النسخ العالية لكثرة ما فيها من خطأ وتحريف ونقص . وهذا ما جعل جهد المحقق في سبيل تصحيح النص وتقويمه واستدراك نواقصه مضاعفا. فكان يستعين على إحدى النسختين بالأخرى حين يكون ذلك ممكنا، وعلى النسختين معا بذخائر المكتبة العربية التي يعرف الممارس ما تقتضيه الاحاطة بمسالكها من جلد ودراية.