الرواية أعيد طبعها مؤخراً في القاهرة ضمن سلسلة رائدات الرواية العربية، بتقديم ودراسة د. سليمان العطار الأستاذ بجامعة القاهرة، وهو يرى أن الكاتبة هنا متأثرة بوجودية جان بول سارتر، لأنها كانت تقيم في باريس، “من المجهولة إلى مايا” تصنف على أنها رواية، هكذا في الدراسات النقدية العربية، اعتبرها د. حمدي السكوت في بيبلو جرافيا الرواية ...
قراءة الكل
الرواية أعيد طبعها مؤخراً في القاهرة ضمن سلسلة رائدات الرواية العربية، بتقديم ودراسة د. سليمان العطار الأستاذ بجامعة القاهرة، وهو يرى أن الكاتبة هنا متأثرة بوجودية جان بول سارتر، لأنها كانت تقيم في باريس، “من المجهولة إلى مايا” تصنف على أنها رواية، هكذا في الدراسات النقدية العربية، اعتبرها د. حمدي السكوت في بيبلو جرافيا الرواية العربية، لكن قراءة الرواية لا تقودنا إلى ذلك بالضبط، نحن لسنا أمام رواية بالمعنى المعروف، لكننا أمام تأملات إنسانية وفلسفية، تمت صياغتها بأسلوب أدبي رفيع، نحن طوال الوقت أمام بطل أو بطلة، أي إنسان مجرد يتحدث مع نفسه ومع هواجسه ويتخيل بين حين وآخر أحدا يكلمه ويتحاور معه، ثم لا يلبث أن يقوم هو بعملية سرد مع نفسه أو مع حاله كما يقول العوام، الكاتبة تعمدت ألا تسمي البطل أو البطلة، تعمدت أن تتركها مجهولة الاسم، أي إنسان مجرد.تقول “ع” في بعض تأملاتها هنا “إن ما يسيطر على عالمنا الإنساني هو الشهوة.. الشهوة الطليقة والشهوة السجينة، ينشر المباح لأنه مباح على الناس وعلى ما يسمونه الخير. والممنوع -لأنه ممنوع- مصدر ما اعتادوا أن ينعتوه: الشر”.وفي سياق آخر تقول “ما نظامكم؟ ما قيمكم؟ انه يعطي الخوف ويأخذ المتناول بالخوف، إنكم تجهلون أن الشرع لا يوجه أوامره، إلى الذي يستطيع أن يتجاوز عن تعاليمه”.قراءة هذا العمل ـ الآن ـ مهمة ومفيدة، هو يكشف عن أن هناك من كان يتابع الثقافة الغربية لحظة بلحظة، مما يعني انفتاحاً كاملاً، وبلا شك تلك اللحظة كانت موزعة ثقافياً وفكرياً بين الفلسفة الوجودية والفلسفة الماركسية، وكل كان لها أنصار في عالمنا العربي، ويذهب د. العطار إلى أن نشر هذا العمل في حلب يعني أن المجتمع السوري كان مستقبلاً لهذا الفكر، وهذا القول يحتاج إلى مراجعة، فنحن لا نعرف على وجه الدقة كيف استقبل هذا العمل في الأوساط الثقافية ولا كم عدد النسخ التي طبعت منه وأرقام التوزيع، وكيف استقبله النقاد داخل سوريا وخارجها، غير أن الأمر لا يدعو إلى التفاؤل، فقد طبعت الرواية سنة 1947 -وصدرت في شهر ديسمبر- ولم تطبع مرة ثانية ولا نجد لها ذكراً بين النقاد .