إذا ناء الحزن بكلكله على الإنسان كلّت العزائم, وخارت القوى, وتبعثرت الجهود, وضاعت الأفكار, وجفّت منابع السّعد والفرح, وتفجّرت ينابيع البؤس والشّقاء, فسرح الشيطان ومرح, وشرب من هذه الينابيع, ورتع في هذه المنادح الخالية إلاّ من الوهم والهم والغم.. ونحن عندما نبحث في بواعث الحزن, فإنّما غايتنا البحث عن حلولها , وتنبيه من غفل عنها, ...
قراءة الكل
إذا ناء الحزن بكلكله على الإنسان كلّت العزائم, وخارت القوى, وتبعثرت الجهود, وضاعت الأفكار, وجفّت منابع السّعد والفرح, وتفجّرت ينابيع البؤس والشّقاء, فسرح الشيطان ومرح, وشرب من هذه الينابيع, ورتع في هذه المنادح الخالية إلاّ من الوهم والهم والغم.. ونحن عندما نبحث في بواعث الحزن, فإنّما غايتنا البحث عن حلولها , وتنبيه من غفل عنها, وعن مدى تأثيرها في النّفس.. فمن سبل معالجة الحزن, دون كثرة الخوض في أسبابه, أن يعلم المؤمن والمؤمنة أنّهما مبتليان, فيصبرا على هذا الابتلاء, ويحتسبا الأجر والمثوبة عند الله, ولا يتركا فرصة للشيطان ليستغل ظرف الحزن فيجعلهما يقولان أو يفعلان ما يحبط عملهما والعياذ بالله.. وللمسلم والمسلمة أسوة حسنة في مواقف الرّسول الكريم محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسّلام الذي باح بأحاسيسه عندما مات ابنه إبراهيم عليه السّلام, وكذلك عندما سائه وأحزنه فعل بعض قبائل العرب في الطائف.. فالمصائب تهون, والأدواء تذهب, والعلل تضمحلّ إذا كان الله راضياً على العبد متقبلاً عمله, أمّا أن يكون سبحانه غاضباً على عبده, راداً عليه عمله فلا حياة ولا استقرار ولا أمن ولا طمأنينة.. وقد رأى المؤلف من الأجدى في كتابه هذا أن يوجّه الخطاب إلى فئة مهمة من المجتمع لتكون المعالجة أكثر تركيزاً وأعظم نفعاً, فاختار المرأة لأسباب كثيرة .. وقد ناقش المؤلّف في هذا الكتاب أموراً تتعلق بأسباب حزن المرأة وسعادتها, مبتدئاً مع الإيجاز, بأهم بواعث حزن المرأة في الغرب, فذكر خمسة عشر باعثاً, وترك أكثر من ذلك لأن الخطاب في الأصل موجّه لغيرها من النساء.. وما بدأ بهذا إلاّ تبصرة وذكرى للمرأة في العالم الإسلامي, لتكون على هدى ويقين من أمرها, ولتستطيع مقارنة حالها بحال غيرها, والابتعاد عمّا وقعت فيه الأخريات من عنت. ثم عرض بإيجاز لأربعة وستين باعثاً من بواعث حزن المرأة المسلمة , منها ما لها يد في دفعه أو جلبه, ومنها ما لا يد لها فيه, ولا مناص لها منه, مثلها مثل أي انسان آخر, موضحاً حسب القدرة سبيل الرّشد في التعامل مع هذه البواعث على تعددها واختلافها . ثم تعرّض لدور العولمة في تقارب بواعث الحزن لدى نساء العالم, وبعد ذلك عرّج على مسألة تحقيق المرأة لسعادتها في بيتها ومجتمعها ومحافظتها عليها.. وتوسّع قليلاً في دور اللّغة في كبت بواعث الحزن, مع الاستشهاد بكلماتٍ من القرآن الكريم والهدي النبوي والشّعر والنّثر عبر العصور لتوضيح ما يرمي اليه.. وبيّن أنه كيف تستطيع المرأة المسلمة أن تخاطب النّاس دون لغة فتجعلهم سعداء كسعادتها هي.. ثم أجاب على سؤال: لماذا الحزن؟ وتحدّث عن السرّ في الصبر, وختم الكتاب بخاتمة موجزة.. ولقد عالج كل هذه المسائل نثراً مع الإيجاز بقدر الاستطاعة..نسال الله العظيم أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه وأن يكتب له القبول, وأن يجعل فيه النفع والفائدة للجميع.