هذه هي الحلقة الثانية من سلسلة بسط القراءات القرآنية المتواترة التي تتعلق بقراءة نافع المدني وراوييه قالون وورش وطرقهما، ليتناولها الراغب بسهولة ويسر من غير عناء وتكلف وبحث، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تيسير الله عز وجل ومنِّهِ وكرمه علينا بتسهيلها وإظهارها بهذا الشكل الميسر رغم الاستغراق الطويل في الوقت والجهد. فالحلقة الأ...
قراءة الكل
هذه هي الحلقة الثانية من سلسلة بسط القراءات القرآنية المتواترة التي تتعلق بقراءة نافع المدني وراوييه قالون وورش وطرقهما، ليتناولها الراغب بسهولة ويسر من غير عناء وتكلف وبحث، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تيسير الله عز وجل ومنِّهِ وكرمه علينا بتسهيلها وإظهارها بهذا الشكل الميسر رغم الاستغراق الطويل في الوقت والجهد. فالحلقة الأولى أو السلسلة الأولى كانت في قراءة عاصم بن أبي النجود براوييه شعبة وحفص، والكتاب مطبوع في ديوان الوقف السني العراقي / مركز البحوث والدراسات تحت عنوان (السَّعُود في قراءة عاصم بن أبي النجود براوييه شعبة وحفص وأوجه الخلاف بينهما)، وإنما قدمنا عاصم وهو الخامس على غيره من القراء، لأننا نعتمد رواية حفص في المقارنة مع غيرها من القراءات في فرش الخلاف وعدد الآيات وفواصلها، التي تعتبر الأكثر شيوعاً وانتشاراً في العالم الإسلامي. وقراءة نافع (محل البحث) تنتشر بالدرجة الأولى في بلاد المغرب العربي ثم في بقية البلاد الإسلامية ولكن بصورة قليلة، وقد اخترنا لها عنواناً اسميناه: (بغية المقتني لقراءة نافع المدني براوييه قالون وورش وأوجه الخلاف بينهما). وقد اعتمدنا في هذه الجولة على كتاب (البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة) للشيخ عبد الفتاح القاضي في فرش القراءة بالروايتين، والذي اعتمد (حفظه الله تعالى) بدوره في فرش القراءة من طريقي أبي نشيط عن قالون، والأزرق عن ورش تحديداً على كتابي (التيسير في القراءات السبع) للإمام أبي عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمرو الداني (ت 444 ه)، والشاطبية المسماة (حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع): للإمام القاسم بن فيرة بن خلف الشاطبي (ت 509 ه) وهما طريق واحد. وأما ما يتعلق بالحلواني الراوي الثاني لقالون، والأصبهاني الراوي الثاني لورش فقد اعتمدنا على كتابي (إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر) للإمام الشيخ أحمد بن محمد بن عبد الغني الدمياطي الشافعي الشهير بالبناء (ت 1117 هـ)، و(الكامل المفصل في القراءات الأربعة عشر) للشيخ الدكتور أحمد عيسى المعصراوي (حفظه الله تعالى) في استخراج الخلافات المتعلقة بهما، لغرض إتمام ما سعينا إليه في فرش قراءة الإمام نافع المدني بتمامها. وكذلك اعتمدنا على كتاب (النشر في القراءات العشر) للإمام الحبر العلَّامة ابن الجزري (ت833 هـ) في استخراج الطرق والآراء لكل راوٍ لجميع الخلافات، لأنه (رحمه الله تعالى) خير من نقل إلينا أراء أهل الأداء، وخير من توصل إلى الأرجح والأشهر، وخير من صححها. أما الخلافات الإقرائية واللغوية والتفسيرية والتجويدية فقد اعتمدنا على مصادر عديدة متخصصة بهذا الشأن وعرضها في الحواشي، وقد نوهنا إليها في فهرس المصادر. والمعول عليه في كتابنا هذا بالدرجة الأولى طريقان: الأول: طريق أبي نشيط عن قالون، والثاني: طريق الأزرق عن ورش كما درج على ذلك صاحب كتاب البدور الزاهرة عبد الفتاح القاضي عن الإمامين العلمين الداني والشاطبي في فرش المصحف على قراءة نافع (رحمه الله تعالى). نقول: إن القارئ نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي المدني له راويان كبيران هما: عيسى بن مينا الملقب قالون لجودة صوته، وعثمان بن سعيد المصري الملقب ورش، اللذان تلقيا عنه مباشرة من غير واسطة. ولكل راوٍ من الراويين طريقان رئيسان، فأما قالون فله طريقان هما: طريق أبي نشيط محمد بن هارون، وطريق الحلواني أحمد بن يزيد بن أزداذ. وله طريق ثالث هو طريق إسماعيل بن إسحاق. وأما ورش فله طريقان أيضا هما: طريق أبي يعقوب يوسف الأزرق، وطريق الأصبهاني أبو بكر محمد بن عبد الرحيم بن شبيب بن يزيد بن خالد الأسدي. وقد تميز ورش (رحمه الله) عن غيره من القراء بأمور كثيرة سنبينها عند التعرض لأصوله كترقيق الراء المفتوحة والمضمومة المسبوقة بياء أو كسرة، وتغليظ اللام المفتوحة والساكنة المسبوقة بصاد أو طاء أو ظاء بشرط أن تكون هذه الحروف مفتوحة.. إلى غير ذلك. وتميز الأصبهاني بتسهيل الهمزة المفتوحة الواقعة في وسط الكلمة نحو ﴿ كَأَنِّ ﴾، ﴿ لأَمْلأَن ﴾، ﴿ اطْمَأَن ﴾... وما شابهها. أما قالون فقد تميز عند إلتقاء همزتين مفتوحتين في كلمتين فإنه يسقط الهمزة الأولى ويحقق الثانية مع القصر والمد، ويدخل ألفاً بين الهمزتين من كلمة أو كلمتين سواء أكانتا مضمومتين أو مكسورتين... إلى غير ذلك. ففي هذا الكتاب سنعّرف بالقارئ وأصوله المجملة وبالراويين وأصولهما وطريقهما، ثم فرش المصحف بالراويين من أول الفاتحة إلى الناس مع أوجه التكبير مع ذكر الخلاف وأسبابه إن وجد، واعتمدنا في عدِّ آيات القرآن على المدني الأول والأخير، وتبيان الخلاف في رؤوس الآيات حسب مذهب الإمام نافع (رحمه الله تعالى).