ما حدث بعد ذلك لهو أمرٌ يدعو للعجب حقّاً؛ إذ جاء ميخائيل بولغاكوف مصطحباً معه هرّاً أسود مرعباً، ووضع مكنسة قديمة بين ساقيَّ، فطارت بي، وراحت ترتفع وترتفع وأنا مرعوب؛ عيناي مغمضتان ويداي تتشبَّثان بعصا المكنسة· غير أن نفسي ما لبثتْ أن هدأتْ بعد قليل· واطمأننتُ، شيئاً فشيئاً، إلى ثبات وضعي فوق المكنسة· وعندئذٍ فتحتُ عينيَّ ورحتُ ...
قراءة الكل
ما حدث بعد ذلك لهو أمرٌ يدعو للعجب حقّاً؛ إذ جاء ميخائيل بولغاكوف مصطحباً معه هرّاً أسود مرعباً، ووضع مكنسة قديمة بين ساقيَّ، فطارت بي، وراحت ترتفع وترتفع وأنا مرعوب؛ عيناي مغمضتان ويداي تتشبَّثان بعصا المكنسة· غير أن نفسي ما لبثتْ أن هدأتْ بعد قليل· واطمأننتُ، شيئاً فشيئاً، إلى ثبات وضعي فوق المكنسة· وعندئذٍ فتحتُ عينيَّ ورحتُ أنظر حولي، فوجدتني أحلِّق عالياً·· عالياً· ثمَّ تجاسرتُ، فنظرتُ إلى الأسفل، فإذا بي أطلُّ على منظرٍ بديع لبحيرات وأنهار وغابات ممتدَّة لا تُرى نهاياتها· وبين هذه كلّها تناثرتْ بنايات جميلة، رغم اختلاف طُرز بنائها إلا أنَّه كان يجمع بينها جميعاً ذوق فنِّي رفيع· وشيئاً فشيئاً راحتْ المكنسة تخترق بي السحب الكثيفة؛ فأحسستُ برطوبتها على وجهي ويديّ وبقيَّة جسمي· وبدا لي منظرها مِنْ حولي كالعهن المنفوش· ثمَّ شيئاً فشيئاً اجتزتها ورحتُ أحلِّق فوقها وأحلِّق وأحلِّق إلى أن بدت تحتي مثل قطعة هائلة من الجبن الطازج؛ ناصعة البياض، ملساء ومتماسكة، وقد حَجَبَتْ عنِّي كلّ ما تلاها