ما كان الاهتمام بالطفولة – منذ وقت - أمرا ضروريا ، وذا أهمية للأسرة والمربين كثيرا، ذلك أن النظرة إلى الطفل والطفولة كانت ساذجة مسطحة ، تتناسب مع بساطة الطفولة وضعفها وهونها ، وبالطبع لعدم قدرة الطفل على إدراك ما يعانيه والشكوى الصريحة من عدم سويّته ، ولهذا لم يكن التعامل مع هذه القضايا ميسورا أو مقدورا عليه ، بل كان الطفل عرضة ...
قراءة الكل
ما كان الاهتمام بالطفولة – منذ وقت - أمرا ضروريا ، وذا أهمية للأسرة والمربين كثيرا، ذلك أن النظرة إلى الطفل والطفولة كانت ساذجة مسطحة ، تتناسب مع بساطة الطفولة وضعفها وهونها ، وبالطبع لعدم قدرة الطفل على إدراك ما يعانيه والشكوى الصريحة من عدم سويّته ، ولهذا لم يكن التعامل مع هذه القضايا ميسورا أو مقدورا عليه ، بل كان الطفل عرضة للازدراء والسخرية ، وفي النهاية استسلام لهذه الأقدار التي نُكبت بها العائلة أو أصيب بها أحد أفرادها .ذالك أن علم الطفولة ظل إلى أمد قريب ، عالما مغلقا لم يعثر على مفاتيحه بسهولة، حتى اهتدى الأطباء إلى طب الأطفال والأدباء إلى أدب الطفل والمربون إلى تربية الطفل والمغنون إلى أغنية الطفل ، والرياضيون على رياضة الطفل ، وعلماء النفس على علم نفس الطفولة ، وكل هذا دل على أن الطفولة مرحلة متميزة ، يجب التعامل معها بأعين وذهن متيقظ.وهذا المجال الذي ارتاده علماء على مساحة الحضارات الحديثة المختلفة ، لم يصلنا إلا بعد جهد مشكور من المترجمين ، وجهود في المساقات الجامعية لطلبة التربية، ومع ذلك لم تغادر هذه العلوم أذهان المختصين ، كعلم خاص بالطبقة المتعلمة , ولم تجد طريقها إلى البيوت والآباء والأمهات ، بل ظلت متعالية في بطون الكتب الأكاديمية البحتة .لذلك كان لا بد من نقلة في هذا المجال ، وهو تبسيط هذه العلوم ، فيما اعتاد عليه الناس من أدب علمي ،ليكون مادة ثقافية متاحة لغير المتخصصين من الناس .وهكذا انبثق هذا المشروع عندما طلب مني احد منتجي الأعمال التلفزيونية، كتابة برنامج يطرح مشكلات الطفولة ،واقترح أن يكون من شقين: مشهد تلفزيوني يعرض للمشكلة ،ثم يتبعها ندوة نقاشية لمختصين في هذا المجال، وكان علي أن اكتب المشاهد الدرامية والمادة العلمية معا ، لكن أمرا ما أعاق هذا المشروع ، فأسفت لذلك ولكني في النهاية وجدت نفسي وقد أنجزت مجموعة من الأبحاث التي تطرح وتعالج قضايا مختلفة في عالم الطفولة ، ليس فقط الانحرافات السلوكية ، بل أيضا تنمية المواهب والإبداعات المبكرة الظهور ، والتي تحتاجها كل أسرة في المجتمع . وها أنا اليوم أعدها من جديد لتصبح كتابا ثقافيا ، خال من جفاف العلم ومصطلحاته ، حيث لا ينفر منه الذين لم يتعودوا القراءة الجادة ، وجعلته قريبا من الحديث الشخصي الحميم ، وعساني أكون قد وفقت لما عزمت عليه .سعادة ابو عراق