العولمة ليست قراراً، وليست نظاماً، وإنما هي نتاج لا إرادي لعشرات القرارات، والممارسات والسلوكيات لا يجمع بينها، في الغالب، إلا آلية السوق، وطلب الربح. هذه الظاهرة بدأت تتضح وتتحدد معالمها منذ بداية التسعينات، وخاصة مع انهيار الكتلة الشرقية، مركزها أوروبا الغربية والولايات المتحدة ولكنها أخذت تزحف لتعمّ أطرافاً أخرى من العالم، لت...
قراءة الكل
العولمة ليست قراراً، وليست نظاماً، وإنما هي نتاج لا إرادي لعشرات القرارات، والممارسات والسلوكيات لا يجمع بينها، في الغالب، إلا آلية السوق، وطلب الربح. هذه الظاهرة بدأت تتضح وتتحدد معالمها منذ بداية التسعينات، وخاصة مع انهيار الكتلة الشرقية، مركزها أوروبا الغربية والولايات المتحدة ولكنها أخذت تزحف لتعمّ أطرافاً أخرى من العالم، لتصير هذه الأطراف أفلاكاً تدور في مجرة العولمة أدواتها الشركات العابرة للوطنيات، المسماة سابقاً، متعددة الجنسيات، ومراكز المال الكبرى، وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمنظمة العالمية للتجارة O.M.C ونادي باريس، ومنتدى ديفوس.العولمة هي وحدانية السوق: حيث كل الإنسانية تصير محكومة بقوانين السوق، حيث سلطان الإنسان يحل محله سلطان السوق العالمي، إنها مجتمع السوق الذي يحل محل الاقتصاد السوق، الخصوصيات، الثقافات تنتهي لكي لا يبقى إلا هوية واحدة: من هم داخل السوق ومن هم خارج السوق هناك من ناحية إنسان السوق، ومن ناحية أخرى نفايات السوق. لكن أنصار العولمة يحتجون بأن العولمة لا علاقة لها بخصوصيات الشعوب، وثقافة المجتمعات، فهي كما يقولون، ذات سمات اقتصادية، ولن تفرض ثقافة ونمط حياة بلد ما، وإنما ثقافة معولمة الثقافة، أنماط الحياة تتبع وحدانية السوق، هكذا سوق واحد ثقافة ونمط حياة واحد. وبين خصوم العولمة الرافضين لها جملة تفصيلاً، القلقين من نتائجها، وبين مناصريها، يقف الموضوعيون. ليس في أنهم وسط بين القبول والرفض، وإنما في أن منطلقهم يريدونه موضوعياً: يحللون يدفعون الظاهرة إلى الإفصاح عن نتائجها، ويتركون الحكم عليها معلقاً، لكن النتائج التي يستخلصونها تجعلهم أبعد عن أنصارها من قربهم من خصومها. ضمن هذه المقاربة يأتي البحث في هذا الكتاب حول العولمة بين الأنصار والخصوم. وقد جاء ضمن قسمين. تناول الباحث في القسم الأول وضمن ثلاثة فصول الحديث حول: أنصار العولمة، خصوم العولمة، الموضوعيون. وخصص القسم الثاني للبحث في مترتبات وتناقضات العولمة.