تعالج هذه الدراسة موضوع (الاتجاه الملحمي) في المسرح المصري، متخذة من أعمال الفريد نموذجاً تطبيقياً، نصاً وعرضاً، باعتباره أبرز المسرحيين المتأثرين بالاتجاه الملحمي، شكلاً ومضموناً، وكان المسرح المصري، منذ ازدهاره في الخمسينيات والستينيات، قد تأثر بمختلف التيارات الفكرية والفنية المسرحية الوافدة، وبرز من بينها التيار التعليمي الم...
قراءة الكل
تعالج هذه الدراسة موضوع (الاتجاه الملحمي) في المسرح المصري، متخذة من أعمال الفريد نموذجاً تطبيقياً، نصاً وعرضاً، باعتباره أبرز المسرحيين المتأثرين بالاتجاه الملحمي، شكلاً ومضموناً، وكان المسرح المصري، منذ ازدهاره في الخمسينيات والستينيات، قد تأثر بمختلف التيارات الفكرية والفنية المسرحية الوافدة، وبرز من بينها التيار التعليمي الملحمي، الذي عد تياراً موضوعياً عقلانياً سياسياً اقتصادياً متصلاً بالخيار الثوري الذي اعتمدته دول العالم الثالث، ومن بينها مصر، حيث طرحته معه ثورة يوليو 1952، وحيث تحتاج المجتمعات إلى طاقة من التنوير، أو التبصير بحقائق التاريخ، وبأسباب وآليات التحول الحاضر الذي تمر به هذه المجتمعات، ومن هنا يكمن الجانب التعليمي في المسرح الملحمي. وقد انسحب هذا التأثر على عدد من الكتاب المسرحيين (نجيب سرور، عبد الرحمن الشرقاوي، محمود دياب) والمخرجين (سعد أردش، جلال الشرقاوي)، كما امتد التأثر إلى الأجيال التالية لجيل الستينيات، مثل (يسري الجندي، نبيل بدران) و(فهمي الخولي، مراد منير، محسن حلمي), ولعل السبب في تواصل التأثر بالاتجاه الملحمي يكمن في أنه يمثل أكثر الأشكال المسرحية تجسيداً لقضايا ومشكلات المجتمعات الجنوبية (النامية) وتستهل الباحثة رانيا فتح الله دراستها، بتحليل مفهوم المسرح الملحمي عند بريخت. وفي الفصل الثاني، تقدم رصداً عاماً ووافياً لتأثيرات الاتجاه الملحمي في المسرح المصري. وخصصت الفصل الثالث لعرض الملامح الملحمية في مسرح الفريد فرج. أما الفصول الثلاثة الأخيرة، فهي تطبيقية، على مسرحيات (سليمان الحلبي) و(عسكر وحرامية) و(الزير سالم)، وهي نصوص تكتنز بإسقاطات تاريخية على الواقع، أو إسقاط الواقع على التاريخ، كما أنها نصوص دالة على اعتماد الإليجوري (الأمثولة=الخطاب غير المباشر) في مسرح هذه الفترة، بديلاً عن الخوض في المسرح السياسي مباشرة، واستطاعت الباحثة. بوسائل مختلفة-تأكيد توافق المخرج مع الكاتب، أو العرض مع النص، في تجسيد الرسالة التي تنطوي عليها كل مسرحية. بينما أشارت إلى الخيارات الإخراجية المختلفة (واقعي، كلاسيكي، ملحمي) التي اعتمدها المخرجون (عبد الرحيم الزرقاوي، سعد أرديش، حمدي غيث)، أخيراُ فإن الدراسة تعد إضافة مهمة في مجالها وموضعها بينما يظل الطريق مفتوحاً أمام الباحثين، سواء لدراسة المسرح الملحمي وتأثيراته، أو مسرح الفريد فرح وتأثراته، فضلاً عن إضافته الجليلة إلى المسرح المصري.