اختلف المؤرخون حول أصل الأكراد وماهيتهم ولم يقطعوا برأي حاسم حول ذلك. فهناك الكثير من نقاط الجدل والخلاف حولهم في كثير من النواحي، ابتداءً من منشأهم، وامتداداً إلى تاريخهم، وحتى مستقبلهم السياسي.وقد ازداد هذا الجدل وذاك الجدال التاريخي حدة في السنوات الأخيرة خاصة بعد التغيرات التي طرأت على المنطقة بعد التدخل الأمريكي في العراق و...
قراءة الكل
اختلف المؤرخون حول أصل الأكراد وماهيتهم ولم يقطعوا برأي حاسم حول ذلك. فهناك الكثير من نقاط الجدل والخلاف حولهم في كثير من النواحي، ابتداءً من منشأهم، وامتداداً إلى تاريخهم، وحتى مستقبلهم السياسي.وقد ازداد هذا الجدل وذاك الجدال التاريخي حدة في السنوات الأخيرة خاصة بعد التغيرات التي طرأت على المنطقة بعد التدخل الأمريكي في العراق وما تبع ذلك من آثار كانت أبرزها تغير واقع الأكراد وأوضاعهم في العراق. وربما كانت نقطة البداية الحقيقية لذلك تشكيل الولايات المتحدة لمنطقة حظر الطيران والتي مهدت بدورها إلى نشأة كيان إقليم كردستان في شمال العراق، ومن هنا بدأت الأخبار والتقارير ترد من المنطقة، لنجد نطاق الحديث حول الأكراد وماهيتهم يصل إلى جمهور عريض من العرب لم يكن بنفس القدر الذي كان من قبل.وعلى ضوء هذا فإن ظهور الأكراد على الساحة الإقليمية والدولية في عصرنا الراهن كقوة متميزة لم يكن منذ أمد بعيد، مع أنهم كشعب يعد من الشعوب العريقة التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ. لقد نشأ الأكراد منذ آلاف السنين اختلف العلماء في تقديره وتعيينه على وجه التحديد. ومع ذلك، فمن المرجح أنهم عرفوا منذ فترة بعيدة بتواجدهم على جوانب الروافد اليسرى لنهر دجلة حوالي القرن السادس ق.م.ومصطلح "كرد" ذكر لأول مرة في المصادر العربية في القرن الأول من العصر الإسلامي. وهو يشير لمجموعة متنوعة من الرعاة أو البدو أو مجموعة من وحدات سياسة دون أن يشير إلي مجموعة لغوية.وقبل الإسلام اعتنق الأكراد الزرادشتية عندما كان لها الذيوع في فارس وميديا قبل الميلاد بستة قرون. ورغم نشاط الدعوة للدين المسيحي في أرمينيا منذ عام 33 م إلا أنه لم يلق نجاحاً كبيراً بين الأكراد. ومع ظهور الإسلام واتصال الكرد بالمسلمين الأولين وجدوا أن مبادئ هذا الدين تتفق وسجاياهم فأقبلوا عليه عن طيب خاطر. واتصل الكرد بالجيوش الإسلامية بداية عام 16 هـ وفتح مدينة تكريت (بقيادة سعد بن أبي وقاص) ومن بعدها نصبين و الرها ومادرين و ديار بكر، وارمينيا وشهرزور.وتم تأسيس أول حكومة كردية عام (340هـ -951م ) في شمال أذربيجان والجنوب الغربي للقوقاز. وتلا ذلك عدد آخر في أماكن مختلفة لم تكن لتستمر جميعها طويلا، وكان من أشهرها الدولة الأيوبية الكردية عام 569هـ - 1173م، والتي اتسع سلطانها في مصر وسوريا والجزيرة وكردستان وأرمينيا وتألفت معظم جيوشها من العشائر الكردية حتى وافت السلطان صلاح الدين المنية عام (589هـ - 1193م).وبعد أن سجل الأكراد صفحات بيضاء في التاريخ الإسلامي بانتصار الجيوش الإسلامية بقيادة البطل صلاح الدين على الغزو الصليبي، أفل نجمهم لمدة حتى بدأ ذكرهم في العودة إلى الساحة من جديد أثناء حرب الخليج في التسعينات من القرن الماضي.ويزيد عدد الأكراد حاليا عن 30 مليون موزعين في مناطق متفرقة من العالم من أهمها: تركيا، إيران، سوريا، العراق، آذربيجان وغيرها...ويدين الأكراد في غالبيتهم بالإسلام، ومعظمهم سنّة وأقليّة منهم شيعة. ويتحدث الأكراد بلغة خاصة بهم هي اللغة الكردية إلى جانب العربية، والتركية،والفارسية.وفي هذا الكتاب الذي نقدمه اليوم للقارئ العربي، حول الهوية الثقافية للأكراد في كل من تركيا وإيران، والذي أعدته الزميلة العزيزة الدكتورة/ حسناء محمود الدمرداش- مدرس التاريخ والحضارة بجامعة مصر الدولية، يجد القارئ الكريم معلومات وافية ومهمة، كما سيلمس هذا الجهد الكبير الذي بذلته الباحثة في سبيل جمع المادة العلمية -التي هي قليلة بالأساس في المصادر العربية- وزادت فيها بما تيسر لها باللغتين التركية والفارسية، واستطاعت أن تكون صورة أكثر وضوحاً، وتقدم تحليلاً أكثر عمقاً بما يجعل منه عملاً علمياً هاماً يسد نقصاً كبيراً في المكتبة العربية في هذا الخصوص.والله نسأل أن يوفق سيادتها في أبحاثها ودراساتها العلمية، وأن تقدم لنا المزيد من الموضوعات التي تهم القارئ العربي، والتي نحن في حاجة ماسة إلى معرفتها والاستزادة من فوائدها.