مما لا شك فيه أن "لويس ماسينيون" (لم يكن رجلاً من طينة عادية، وهذا ما يشكل فرديته التي تثير الاهتمام... فهذا الرجل كان يملك بالإضافة إلى الألقاب الجامعية والشهادات التي يشهرها البعض كالدرع الواقي، كان يملك تعطشاً إلى المعرفة، وشغفاً بالحقيقة وحباً بالعدالة فيشعر مستمعيه بأنهم يلتقون برجل مختلف، رجل تصطبغ كلمته بالحسم، رجل يحمل ر...
قراءة الكل
مما لا شك فيه أن "لويس ماسينيون" (لم يكن رجلاً من طينة عادية، وهذا ما يشكل فرديته التي تثير الاهتمام... فهذا الرجل كان يملك بالإضافة إلى الألقاب الجامعية والشهادات التي يشهرها البعض كالدرع الواقي، كان يملك تعطشاً إلى المعرفة، وشغفاً بالحقيقة وحباً بالعدالة فيشعر مستمعيه بأنهم يلتقون برجل مختلف، رجل تصطبغ كلمته بالحسم، رجل يحمل رسالة ينقلها من مكان بعيد، رسالة ينقلها من أماكن لا يبلغها كل المثقفين العاديين.كان يملك بالإضافة إلى هذه القدرة الفكرية والحدس النفاذ، كان يملك ميلاً وحباً بالعمل، ويملك الرغبة في الالتزام للدفاع عن قضية العدالة إزاء كافة أشكال القمع، ضد كل المرائين الذين يلهثون وراء المصالح النفعية مختبئين خلف قناع إبطال النظام ومن هنا تولد إيثاره للمنبوذين والخارجين عن القانون والمشردين وضحايا الشر بكل أشكاله فقد كان يريد سبيل العدالة، ليعوها ويدركوها... وهذا ما دفعه إلى النضال والعمل مع جمعية فرنسا المغرب خلال نزاع الفرنسيين والمسلمين في أفريقيا الشمالية مستخدماً الأسلحة التي لجأ إليها غاندي أي الصلاة والصوم بالامتناع عن الطعام وهكذا امتنع عن الطعان من أجل محمد الخامس المنفي أولاً ومن أجل الجزائر فيما بعد.وكما كتب لويس غارديه "كان ماسينيون رجل المطلق، كان متعطشاً إلى هذا الشكل المترفع من الرحمة... كان يتوق إلى عدالة الله. ومن الخطأ ومن العبث أن نحاول التمييز ف أعماقه بين المسيحي وبين العالم، فالاثنان كانا يشكلان وحدة في شخصيته القوية التي تضطرم بنار خالدة. لقد قام أستاذ كلية فرنسا بزيارة مخيمات اللاجئين، والسجون والمعتقلات، لاعتقاده بأنه يقترب أكثر بهذه الطريقة من الله، ربه الذي كان يصلي له بالعربية، ربه الذي استدعاه لملاقاته في ليل 31 تشرين الأول 1962... علماً أنه كان يملي قبل ساعات من وفاته مقالاً لمجلة أرابيكا، عن بغداد، مدينة الحلاج هذه المدينة التي تلقت فيها روحه الإشعاع الغامض الذي وجهه وقاده طوال حياته.عن هذا المفكر العالمي يتحدث "جان موريون" متوقفاً أولاً: عند سيرته الذاتية ومن ثم عند ترحاله وزيارته للبلاد العربية وتعامله مع أهله وأخيراً عند تحليل الخطوط العريضة والأساسية لمؤلفاته وأفكاره في: "الاستبطانية"، العلاج الصوفي أو دعوى الحب الإلهي، نداء الإسلام –دين إبراهيم، العالم الإسلامي الطائفة الدينية السياسية، فاطمة الزهراء ومقامها عند المسلمين، أهل الكهف، غاندي القداسة والسياسة، الكلمة الإلهية والكلمة الإنسانية والعبقرية السامية، جغرافية العالم الروحية، تجربة الحنو المنظم على الصعيد الشامل، نهاية النماذج المثالية المتوافقة.