بتقدم الشعوب وتكاثر افرادها وما تبع ذلك من حاجات كل منها، اتسع نطاق المعاملات بينها وتشابكت مصالحها وتداخلت واصبح اتصالها ببعضها ضرورة لا تستقيم بدونها حياتها وحياة افرادها .وكلما سارت الشعوب والدول في طريق الارتقاء كلما زاد شعورها بهذه الضرورة وبالحاجة لوصل العلاقات بينها وإرسائها على أسس متينة ومعاصرة بعد أن تبين لها على مر ال...
قراءة الكل
بتقدم الشعوب وتكاثر افرادها وما تبع ذلك من حاجات كل منها، اتسع نطاق المعاملات بينها وتشابكت مصالحها وتداخلت واصبح اتصالها ببعضها ضرورة لا تستقيم بدونها حياتها وحياة افرادها .وكلما سارت الشعوب والدول في طريق الارتقاء كلما زاد شعورها بهذه الضرورة وبالحاجة لوصل العلاقات بينها وإرسائها على أسس متينة ومعاصرة بعد أن تبين لها على مر السنين والاجيال الى التفاهم والتعاون بينها أجدى في اغلب الأحيان لصيانة مصالحها وتحقيق اهدافها من التباعد والجفاء وتغليب القوة بدون موجبات كافية.وقد اصبح الاتصال المستمر بين الدول وبعضه في المجتمع الدولي الحديث امرا لاغنى لأي منها عنه ولتعزيز مركزها وضمان مصالحها وتحقيق اهدافها. وفي ضوء ذلك تقوم الدبلوماسية بدور هام في نطاق العلاقات الدولية. ومع التطور السريع والمتلاحق في عالم الاتصالات والمواصلات تعاضمت اهمية الممارسة الدبلوماسية. لذا فإن المدخل الاهم في دراسة اثر ثورتي المعلومات والاتصالات على عمل وزارات الخارجية يقود الى استنتاج ان بنية الجهاز الدبلوماسي تؤهله ليكون اكثر المؤسسات المرشحة للتأثر بالمعلوماتية ذلك لان أي تقدم في مجال تقانة الاتصالات يكون له اثر مباشر على سرعة وكفاءة العمل في هذه المؤسسة. وتجدر الإشارة الى ان تفعيل مناظيم المعلومات يمكن عده احد الطرق لتمكين وزارات الخارجية من المنافسة واثبات ذاتها، لقيام الوزارات الاخرى بمشاركة اكبر في القضايا الدولية نظرا لتمكنها من ا لاتصال مباشرة بنظيراتها الاجنبيات.توخينا من إعداد هذا الكتاب أن نضع بين أيدي الدارسين والمهتمين والمختصين في العلاقات الدبلوماسية والقنصلية، وما تتطلبه من معرفة لمهارات في إدارة المفاوضات، مادة علمية أكاديمية، ودليل عمل للدبلوماسي المعاصر. ومن هنا جاء الكتاب متضمنا الأسس النظرية والتطبيقات العملية في العلاقات الدبلوماسية والقنصلية والبعثات الخاصة، وكذلك في فن إدارة المفاوضات ونظام التمثيل في المؤتمرات الدولية. اخذين بنظر الاعتبار التطورات التي شهدها هذا الميدان المعرفي والتطورات في البيئة الدولية وانعكاساتها على النظرية والممارسة الدبلوماسية.والكتاب بمجمله يمثل إضافة تكميلية إلى ما سبقه وأبدعه الأساتذة الأفاضل والمختصين من لبنان في هذا الحقل المعرفي، وقد حرصنا أن يتسم أسلوبنا في معالجة الموضوع بالرشاقة، لذا اتسم رجوعنا للتاريخ الدبلوماسي بأنه بقدر الحاجة الفعلية له، وكذلك رجوعنا للنظرية، مستهدفين في ذلك أن لا نثقل على القارئ الكريم، وتناولنا الموضوع من خلال تسعة فصول، استعرضنا في الفصل الأول تطور الدبلوماسية عبر العصور بدءا من العصور القديمة ومرورا في دبلوماسية الدولية العربية الإسلامية، والتطورات التي شهدتها الدبلوماسية في العصر الحديث وإلى ما بعد نشوء منظمة الأمم المتحدة. وجاء الفصل الثاني تحت عنوان الدبلوماسية المعاصرة وتناولنا فيه ابرز العوامل المؤثرة في تطور الدبلوماسية، واستعرضنا أنماطها المعاصرة وعلاقاتها بالعلوم الأخرى ولاسيما السياسة الخارجية، والعلاقات الدولية، والقانون الدولي العام، والامن القومي، والآثار التي تترتب على تقنين القواعد الدبلوماسية وماهية القانون الدبلوماسي ومصادره. وخصصنا الفصل الثالث للحديث عن الممثل أو المبعوث الدبلوماسي ومؤهلاته وتعيين رئيس البعثة وابتداء مهمته واعتماده، ودوافع وأوجه (التمثيل المتعدد) والتزامات المبعوث الدبلوماسي نحو الدولة المعتمد لديها، وأسباب انتهاء مهمته.وخصصنا الفصل الرابع للحديث عن البعثة الدبلوماسية من حيث شروط نشأتها وأنواعها وتنظيمها ووظائفها وآلية ممارسة البعثة لنشاطها الدبلوماسي. وتناولنا في الفصل الخامس ما نحسبها أبرز مقومات الأداء الدبلوماسي المعاصر والمتمثلة في اللغة الدبلوماسية، والمكاتبات والرسائل الدبلوماسية، ونظام الأسبقيات الدبلوماسية، وعلاقات الممثل الدبلوماسي بوسائل الإعلام. وخصصنا الفصل السادس للحديث عن الامتيازات والحصانات الدبلوماسية من حيث المبررات الفقهية لهذه الامتيازات والحصانات، وأنواعها وهي الحصانات الخاصة بمقر البعثة وبعملها والتسهيلات والمزايا الخاصة بعمل البعثة الدبلوماسية، والحصانات والمزايا الشخصية. وخصصنا الفصل السابع للحديث عن البعثات القنصلية من حيث نظام التمثيل القنصلي، ونشأته وقواعده، وإقامة العلاقات القنصلية، وأنواع القنصليات ودرجاتهم وأسبقياتهم، والوظائف والاختصاصات والحصانات القنصلية. وتناولنا في الفصل الثامن البعثات الخاصة ونظام التمثيل في المؤتمرات الدولية من حيث أهمية البعثات الخاصة، وتعريفها، وصفاتها المميزة وتكوينها وشروطها ووظائفها وأسبقياتها وامتيازاتها وحصاناتها، والتمييز بين المؤتمرات والاجتماعات الدولية، وتعريف المؤتمر الدولي وأهميته، والتمهيد لعقد المؤتمرات والاتفاق على جدول الأعمال، وتشكيل الوفود واختيار أعضائها، وانعقاد المؤتمر وسير أعماله، ونظام التصويت. وخصصنا الفصل التاسع للحديث عن موضوع فن إدارة المفاوضات وذلك لما له من أهمية من ناحية وعلاقة من ناحية أخرى بالعلاقات الدبلوماسية، وهو وان كان يمثل ميدانا معرفيا يدرس باستقلالية عن الدبلوماسية، إلا أنه من حيث النظرية والتطبيق يلتقي في بعده السياسي مع الدبلوماسية المعاصرة، ويصب في جوهر مهامها، لذا فإن إتقان حرفة الدبلوماسية لا يستقيم بدون إتقان المهارات التفاوضية وإدراك فن إدارة المفاوضات. وتناولنا في هذا الفصل المفاوضات من حيث المعنى والأبعاد، وخطوات الإعداد للمفاوضات، ومبادئ التفاوض، والمهارات التفاوضية الأساسية، ومراحل المفاوضات وأبرز خصائص العملية التفاوضية.ويهدف التوثيق ولتيسير الأمر على القارئ الكريم ولتعزيز الفائدة العلمية والعملية وجدنا من الضروري اضافة ثلاثة ملاحق ذات علاقة مباشرة بالموضوع وهي نص اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، ونص اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963، واصطلاحات دبلوماسية مهمة باللغتين الإنكليزية والفرنسية.