"طرقت الباب لعدة مرات.. سألت براسكوفا وهي تحمل الفانوس بيدها: من هناك؟ أردت أن أفاجئها وقتل دون أن أذكر اسمي: كوني كريمة يا سيدتي أنا راهب لا مأوى لدي وأشعر بالحمى.. بشكل عفوي أدارت المفتاح في القفل وفتح الباب. لم تشعر براسكوفا بأي خوف أمام هذا الرجل الضخم الملتحي الكئيب الذي تفوح منه رائحة كريهة قالت: باستطاعتك النوم هنا إذا أر...
قراءة الكل
"طرقت الباب لعدة مرات.. سألت براسكوفا وهي تحمل الفانوس بيدها: من هناك؟ أردت أن أفاجئها وقتل دون أن أذكر اسمي: كوني كريمة يا سيدتي أنا راهب لا مأوى لدي وأشعر بالحمى.. بشكل عفوي أدارت المفتاح في القفل وفتح الباب. لم تشعر براسكوفا بأي خوف أمام هذا الرجل الضخم الملتحي الكئيب الذي تفوح منه رائحة كريهة قالت: باستطاعتك النوم هنا إذا أردت. أنا وحدي هنا مع العجوز ومع أطفالي. لدي رجل ولكنه رحاله مثلك. ولكن أين هو.. لم أتمكن من الصمود أكثر من ذلك عندما رأيت حزنها. ألقيت بقبعتي المصنوعة من الفرو على الكرسي وصحت قائلاً: أيتها المرأة انظري إليّ جيداً.. التفتت إليّ بدهشة. ترددت لثانية.. نعم هذا أن غريغوري بعد أربعة أعوام أصبحت أكبر سناً ولكنني ما زلت صلباً ومليئاً بالحب تجاهها وتجاه صغارنا. ألقت بنفسها بين ذراعي دون أن تفكر وشرعت بالبكاء وهي تبتسم. سمع والدي العجوز ايغيم اندريفتش: أصواتنا واستيقظ.. قطب جبينه ووبخني وهو يستقبلني قائلاً: .. من أين عدت أيها الكسول؟ أخذته بين ذراعي وهمست في أذنه.. أبي يجب أن تباركني لأنني أعود وأنا غني جداً بالحب.. رويت لهم ما حدث معي. وجهني أساتذة وأساقفة ورجال دين في مجال فن المساعدة على الشفاء.. قلت بلهجة هادئة وجادة أن ما يجب أن نتعلمه بشأن التقرب من الرب هو أنه يتعين علينا جميعاً، إن كنا نعرف بعضنا أم لا، أن نحب بعضنا كثيراً وأن نتقاسم هذا الحب مع حيواناتنا التي تساعدنا على العيش.. أي أنا أحبك لدرجة أستطيع أن أشفيك.. رأيته وهو يترك عصاه على الفور ووصل إلي.. عانقني والدي: ولدي. لا يهم من أين عدت. أشعر أن لديك قوة مقدسة. لقد أصبحت كبيرنا وأصبحت أكثر حكمة منا جميعاً".ذاك كان جانب من جوانب شخصية راسبوتين التي يروي تفاصيلها بول موروزي، وهو في اعترافاتها التي يرويها على لسانه يحاول تبرئة ساحته، فما روي وأشيع عنه، حيث يذكر التاريخ بأن راسبوتين هذا (1872-1916) هو راهب روسي مشعوذ وخليع، مارس سحره وتأثيره السيء على القيصر نيقولا الثاني على امرأته. إلا أنه تمّ قتله وكان ذلك على يد البونسي يوسف يوف.يقدم بول موروزي اعترافات راسبوتين بأسلوب روائي يشد القارئ لمعرفة الكثير عن هذه الشخصية التي ترددت سيرتها عبر الزمان وكانت رمزاً للعبث ولسوق الأخلاق، إلا أن الكاتب استطاع وبمهارة إقناع القارئ بأن لتلك الشخصية جوانب خيّرة ومحببة يجهلها الجميع.