نظرات فلسفية بعيداً عن السياسة

إذا كان من الملاحظ أن شخصية جمال عبد لناصر باعتباره زعيماً سياسياً قد نالت اهتمام العديد من الكتاب والمفكرين، فإنه من الثابت أن الدراسات التي تتحدث عن فكر جمال عبد الناصر تعتبر قليلية جداً بالقياس إلى غيرها من الدراسات التي وضعت حول هذا الزعيم، أما تناول أفكار جمال عبد الناصر بالدراسة والتحليل من وجهة نظر فلسفية خالصة، فإنه من الملاحظ أنه لا توجد دراسة تهتم بهذا الموضوع، اللهم إلا كتاب "الفلسفة في الميثاق" للدكتور يحيي هويدي، إلا أن هذا الكتاب لم يتناول إلا جانباً واحداً من فكر جمال عبد الناصر وهو الجانب الذي تجلى في "الميثاق" من غير أن يعير أي اهتمام إلى أقوال جمال عبد الناصر ذات الطابع الفلسفي التي وردت في كتابه "فلسفة الثورة" وفي خطبه وأحاديثه المختلفة.وفضلاً عن ذلك، فلا أحسبني مغالياً أو مجانباً للصواب إذا ذكرت أن جمال عبد الناصر كان من الزعماء السياسيين القلائل الذين حاولوا أن يطبقوا ما لديهم من أفكار، ونحن بطبيعة الحال سوف نركز هنا على الجانب الفكري من شخصية جمال عبد الناصر، وذلك بعد الإلمام العاجل بسيرته، فإننا سنحاول إلقاء الضوء على حياة جمال عبد الناصر، ثم ننطلق بعد ذلك إلى الحديث عن أهم أفكاره، حيث نتحدث عن فكرة القومية العربية عنده، وعن فكره الإشتراكي، ومن اتهامه بالعلمانية وما يصاحب ذلك من بيان موقفه من الدين، وعن رأيه في مشكلة التخلف الحضاري، وعن رأيه في العلم والثقافة، وعن رأيه في بعض المسائل الفلسفية الدقيقة.