ما دور الزمن في جماليات الرواية الحديثة؟ وهل هناك اختلاف بين الزمن في روايات نشأت في مجتمع صناعي حديث، حيث تغير مفهوم الزمن جذرياً-والزمن في روايات ناشئة في العالم الثالث، حيث لا تزال تتجاوز في مجتمعاته مفاهيم مختلفة للزمن سؤالان محوريان حدداً توجه هذه الدراسة المقارنة الحساسة، التي تستهدف التقاط زوايا وأبعاد ومستويات وعلاقات ال...
قراءة الكل
ما دور الزمن في جماليات الرواية الحديثة؟ وهل هناك اختلاف بين الزمن في روايات نشأت في مجتمع صناعي حديث، حيث تغير مفهوم الزمن جذرياً-والزمن في روايات ناشئة في العالم الثالث، حيث لا تزال تتجاوز في مجتمعاته مفاهيم مختلفة للزمن سؤالان محوريان حدداً توجه هذه الدراسة المقارنة الحساسة، التي تستهدف التقاط زوايا وأبعاد ومستويات وعلاقات الزمن، في إطار صلتها الوثقي بالرواية الحديثة، حيث أضحى الزمن موضوعاً لها، لا عنصراً-فحسب-من عناصرها، أو دليلاً-فقط-على نمو أحداثها وتطور شخصياتها، فقد تحولت وضعية الزمن من نظام التسلسل التتابعي المنطقي (الكرونولوجي)، إلى أنظمة التشظى والتقاطع، الاسترجاع والاستباق، التعدد والتدخل... الخ. في دراستها هذه، تعتمد الدكتورة أمينة رشيد-ارتكازاً على التقائها الحميم، العميق، الحساس، بمفهوم وتشكيلات الزمن-ثلاث روايات أساسية، تطرح قضية حداثة الرواية، كل منها في سياقها الاجتماعي/التاريخي/الإبداعي/الخاص: إنجليزية "السيدة دالوى (1925)" مصرية "تلك الرائحة (1966)" فرنسية "العاشق (1984)" في محاول لحصر مفهوم الزمن-برغم تباين هذه الروايات في التشكيل الزمني للسرد، وفقاً لشروط كل منها الخاصة في الكتابة الروائية وتحولاتها-حيث إن هناك قانوناً حصرياً يحكم العلاقة بين الزمان والمكان من ناحية، والزمان والشخصية، أي بين حاضر الشخصية وماضيها، من ناحية أخرى. وتتسم هاتان العلاقتان بمجموعة من القيم الجمالية والاجتماعية التي تشكل فضاء الرواية. ولكل رواية (زمكانية)-محورية بتصور متميز وفعال لهذا المفهوم (الباختيني)-أي فضاء زماني/مكاني ينظم علاقة الحاضر بالماضي. ولكل زمكانية حقول زمانية/مكانية/ثانوية، تتشابك مع الزمكانية المركزية في علاقة تكامل، أو صراع، تحكم البنية المعمارية للرواية. ولكل حقل زمكاني قيمة خاصة، تتجادل مع غيرها في عملية تشكيل الرواية دلالياً وجمالياً. وعبر تحديد تفاصيل النظام الدلالي/الجمالي لكل عمل، يمكن الربط بين زمن الرواية، والزمن التاريخي (زمن القص، زمن الحكاية، زمن الكتابة، زمن الطباعة، زمن القراءة)، وصولاً إلى دلالة المقارنة بين النصوص الثلاثة، أي إلى إدراك ما يجمع بينهم من ثوابت، وما يخص كلاً منهما من متغيرات. في هذا السعى، لا يخلو الأمر من مناقشة نقدية لبعض المفاهيم المنهجية، بينما تعتمد الدراسة أساسياً على التقسيم الباختيني المتضافر، بين مبدأ (المعمار) الذي يمثل المبدأ الشكلي التأسيسي للرواية فنياً وجمالياً-بتصور خاص لمفهوم الشكل، لا يفصله عن محتواه الذي يحمل منظور الكاتب ورؤيته للعالم، أو مضمونه الذي ينظمه الشكل-ومبدأ (الإنشاء) الذي يقوم على إبداع وتنظيم وترتيب التقنيات التي تحقق إنجاز هذه البنية المعمارية.