لقد أصيب الإدراك العربي العام ـ الحائر أصلاً تحت وطأة المفارقات ـ بالملل من إصدار الأحكام المتضاربة حول ثنائية السلطة القائمة (الحاكمة) والسلطة المضادة (الاعتراضية). أمّا السلطة الثالثة (النخبة الثقافية) فقد وجدت نجاتها إما بمحاباة الحاكمية السياسية أو بمجاراة نقيضتها الأيديولوجية. والفئات الثلاث تتضارب أو تتناغم وفق متطلبات الآ...
قراءة الكل
لقد أصيب الإدراك العربي العام ـ الحائر أصلاً تحت وطأة المفارقات ـ بالملل من إصدار الأحكام المتضاربة حول ثنائية السلطة القائمة (الحاكمة) والسلطة المضادة (الاعتراضية). أمّا السلطة الثالثة (النخبة الثقافية) فقد وجدت نجاتها إما بمحاباة الحاكمية السياسية أو بمجاراة نقيضتها الأيديولوجية. والفئات الثلاث تتضارب أو تتناغم وفق متطلبات الآنية لجهة الاستجابة التوليفية والترقيعية للأسئلة الحقيقية المطروحة.إن أفراد الانتليجنسيا العربية، على الرغم من أداء الأدوار الناقدة للظواهر السائدة، هم نتاج الأوضاع المتردية كما لو كانوا حفَـدَة المشروع النهضوي القديم بدوام التفويض لا التقويض.. أما المشروع النهضوي الثاني الذي لا يزال في حدود الأماني، فإنّه سيظلّ كذلك ما لم يتمّ تهشيم أضلاع هياكل التردّي والتعثّـر الحضارية بدءاً بالتصدّي الصارم للأميّة ذات الأضلاع الثلاثة المتقاربة، فالأوّل هو الجهل المضاد للعلم، والثاني هو التجهيل المقصود المضاد للمعرفة، فيما الثالث ذو مدلول دقيق، هو ذلك الذي يتجاوز القراءة والكتابة إلى.. الحرمان الثقافي. فأضلاع هذا المثلث القائم الزاوية هي أركان ما يسمح بتسمية هذه الظاهرة بـ «الجهلولوجيا» المتفشيّة عربياً. هو الأوانُ إذاً.. لتوديع هوانِ أُميّة الأمّة سعياً لانتزاع الدور الذي يؤول إليها بين الأمم الأخرى