تمثل هذه الفصول، التي كتبت في مناسبات مختلفة، شجوناً يحملها الكاتب حول واقع اللغة في هذا العصر، وخاصة بعد حلول ما يسمى بعصر العولمة الذي ينذر بالاختراق الكامل لثقافات الشعوب، ومحاولة فرض أنماط مختلفة من المواقف والمفردات الثقافية. ولعله من المحتم الآن أن يقف العرب وقفة تقويمية لكثير من المكونات الأساسية ذات التأثير الحاسم في حيا...
قراءة الكل
تمثل هذه الفصول، التي كتبت في مناسبات مختلفة، شجوناً يحملها الكاتب حول واقع اللغة في هذا العصر، وخاصة بعد حلول ما يسمى بعصر العولمة الذي ينذر بالاختراق الكامل لثقافات الشعوب، ومحاولة فرض أنماط مختلفة من المواقف والمفردات الثقافية. ولعله من المحتم الآن أن يقف العرب وقفة تقويمية لكثير من المكونات الأساسية ذات التأثير الحاسم في حياة الإنسان العربي، وبالتحديد إلى لغتهم، لأننا إذا أمعنا النظر في الشأن اللغوي فإننا نجد العرب قد أخفقوا إخفاقاً ذريعاً في هذا المجال. فالدراسات اللغوية في معظمها لم تخرج عن نوعين من الدراسات: 1-دراسات تبجيلية للغة تبين مكانتها وسعتها وقدرتها في القديم على استيعاب معطيات الحضارة. 2-دراسات تناولت اللغة في التراث القديم ثم أعادت إنتاجه في صورة بحوث حديثة تجتر القديم كما وصفه الأسلاف.بالإضافة إلى هذين النوعين من الدراسات، كان لا بد من اجتهاد معاصر من خلال دراسة الواقع اللغوي للغة الفصحى في هذا العصر والخروج منه إلى تشخيص لهذا الواقع، تمهيداً للوصول إلى نتائج تعمق الوعي باللغة الفصحى، وتساعد على الاقتراب منها في الكتابة والحديث، وتستشرف آفاقها في المستقبل.في مثل هذا الوضع اللغوي القريب، تحاول فصول هذا الكتاب أن تشير إلى بعض مواضع الخلل، وأن تضع بعض الصوى على طريق الاهتمام بالفصحى، وإحلالها مكانتها الطبيعية في حياة الأمة لا لكونها لغة الدين والثقافة والتراث، وعنوان الهوية، وأداة التواصل المشتركة بين أبناء الأمة وحسب؛ ولكن بوصفها أداة من أدوات الرقي التي لا غنى عنها لأمة تنشد التقدم.