الكثير من أعداء أمة الإسلام يشككون في نزاهة هذا الدين المتين رغم ما يدعو إليه من السماحة والعفو , وتحت ظلال مبدأ " التقية " يحاول بعض المنتسبين إلى هذا الدين تشويه واجهته وتدمير خلاياه من خلال إلقاء الاتهامات والآفات , هؤلاء يسلكون هذا السبيل ليصلوا بواسطته إلى أغراضهم الخبيثة . تلك التي يصورون بها التاريخ على سواد جامح ويهيئون ...
قراءة الكل
الكثير من أعداء أمة الإسلام يشككون في نزاهة هذا الدين المتين رغم ما يدعو إليه من السماحة والعفو , وتحت ظلال مبدأ " التقية " يحاول بعض المنتسبين إلى هذا الدين تشويه واجهته وتدمير خلاياه من خلال إلقاء الاتهامات والآفات , هؤلاء يسلكون هذا السبيل ليصلوا بواسطته إلى أغراضهم الخبيثة . تلك التي يصورون بها التاريخ على سواد جامح ويهيئون ملامحه ظلما وعدوانا وظلاما . لكن هيهات هيهات .ولعلنا نلاحظ بين هذه السطور طفرة كبيرة في ظل السياسة الفكرية التي يتبعها المفكر الإسلامي الكبير الدكتور محمد عمارة أثناء عرضه لها الإصدار والذي وضعه تحت عنوان ." الوثائق الدستورية في دولة النبوة والخلافة الراشدة "التاريخ لم يكن ظلامايُسلط الدكتور عمارة الأضواء في عرضه لهذه " الوثائق " و يلفت الأنظار ويوجه الأفكار إلى حقيقة تاريخية تقول " إن تاريخ أمتنا لم يكن ظلاماً مبينا أن التناقض بين " التطبيق " في هذا التاريخ , وبين " الفكر " لم يكن كاملاً ولا حاداً ولا دائماً.. وموضحا أن البعض منا قد قسا ويقسو, وبالغ ويبالغ في تصوير مظالم ذلك التاريخ, لينفر من الظلم والاستبداد, وليزكى الدعوة إلى استلهام فكرنا الغنى, ونحن نجاهد للنهوض بالواقع الذي نعيش فيه.. وهذا مقبول ومفهوم..التراث الفكريويؤكد عمارة أن الكثيرين من أعداء هذه الأمة, ومعهم نفر من المنتسبين إليها, يسلكون هذا السبيل ليصلوا بواسطته إلى غرض خبيث.. فهم يصورون" تاريخنا " ظلماً وظلاماً, كي ينزعوا سلاح الأمة المتمثل في هذا التاريخ, وهى تواجه ما يفرضونه عليها من تحديات.. وهم يوحون إلى الناظر في تراثنا الفكري أن ما بهذا التراث من حديث عن " السماحة " و " حقوق الإنسان " , هو " فكرى نظري " لم يوضع يوماً ما في " الممارسة والتطبيق", مستهدفين من وراء ذلك – أيضاً – نزع سلاح الأمة المتمثل في هذا " التراث الفكري", كي لا يسعى الجيل الحاضر إلى استلهام أصول حضارته وسمات قوميته والجوهري من معتقداته, وما هو متقدم وفاعل من القيم التي ورثناها عن الأسلاف..العهد الدستوريويرى الدكتور عمارة أن ظلم الماضي ، والقسوة في تقييم تطبيقات السلف سلاح ماض ذو حدين، قد يدفع الأمة إلى عكس ما تريد، وضد ما هو مفيد.. ومن هنا تأتى أهمية إشارته في هذا التقديم إلى شمول هذه الوثائق ميادين عديدة كادت تغطى مبحث الحقوق الواجبة للإنسان.. ومبحث السماحة مع الآخرين:ففيها الدستور المدون والمصاغ صياغة قانونية والذي صيغ وطبق منذ اللحظات الأولى لتكوين الدولة العربية الإسلامية الأولى.. أي منذ أكثر من أربعة عشر قرناً.وفيها العهد الدستوري الذي قنن كامل حقوق المواطنة وواجباتها بين المسلمين وغير المسلمين من رعاية الدولة الإسلامية..في كل الميادين الدينية والمدنية, فساوى بين الذات وبين الآخر جاعلاً منه جزءاً من الذات..وفيها النصوص التي تحدثت عن العقد السياسي والاجتماعي بين الحاكم(الوالي) وبين المحكومين(الرعية)..والتي قننت الفكر السياسي الضروري لسياسة الرعية , سياسة تحقق للناس الحقوق ( الإنسانية الواجبة) ..آداب القضاء وضروراتهوفيها التشريع القانوني وتقاليد القضاء وآدابه وضروراته اللازمة للوفاء بتحقيق المساواة والعدالة بين الفرقاء..وفيها التقنين لجهاز الدولة، والولايات التنفيذية، على النحو الذي يجعلها في خدمة الرعية، لأنها وكيلة عنه ومستنابة في رعاية مصالحها..وفيها التحديد الواضح لفلسفة الإسلام في الأموال، كنهر أعظم وعام للأمة،والناس شِربهم فيه سواء..وفيها الصياغة "البليغة - الدقيقة" لفكرنا الاجتماعي الإسلامي . ولحدود التمايز الطبقي ، والموقف منه.. وللعلاقة المثلى بين "الدولة" ومختلف الطبقات الاجتماعية في صفوف الرعية..الحضارة وموقفها من الثورةوفيها موقف حضارتنا من " الثورة " كسبيل من سبل التغيير العنيفة لنظم القهر والظلم والاستبداد.. والموقف من"رد المظالم" وإعادة التوازن لفئات الأمة وطبقاتها عقب الثورات..وفيها حديث عن "الشورى" التي هي فلسفة نظام الحكم الإسلامي . وكيف كانت هدف الثائرين على نظم "التغلب" وولاة الجور والاستبداد..وفيها التأكيد على حق الأمة "الطبيعي الشرعي " بل "واجبها" في أن تكون مصدر السلطة والسلطان..إنها نماذج من "الوثائق" تنصف "الفكر" و "التاريخ" معاً وتشهد لـ نظر المفكرين، ولجهاد الثوار، ولـ"عدل" كثير من الخلفاء..فتنفى عن تراثنا الحضاري ظلماً عظيماً ألحقه به باحثون كثيرون.. كما تفتح الباب أمام المستقبل، الذي نرجو له أن يكون أكثر إشراقاً.. وأخف في القيود والعقبات!هذا الكتاب من شرح وجمع وتقديم: أ.د محمد عمارة.