استدراكات على تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين في علم الحديث: داراسات وبحوث

إن هذا العمل العلمي الموسوم بـ"استدراكات على تاريخ التراث العربي في علوم الحديث"، هو إحدى لبنات الموسوعة التراثية الهادفة المكملة لعمل فؤاد سزكين الذي اشتمل على كليات وفوائد حجة، وسلط الأضواء بصورة واضحة على أهمية جمع المفقود من التراث مضموماً إلى الموجود منه. والكتاب يمثل محاولة جديدة أعقبت محاولة بروكلمان ومحاولات أخرى أسبق للتعريف بكتب التراث العربي ما فقد منها وما بقي، مع رسم إطار الحركة الفكرية وتطورها عبر القرون الأولى من التاريخ الإسلامي. هذا وأن سزكين لم يقتصر في كتابه على ذكر المؤلفات الخطية والمطبوعة التي وصلت إلينا بل تعدّاها إلى ذكر المؤلفات المفقودة، وهو أمر ضروري في تسجيل الحركة الفكرية.من جانب آخر فإنه كان لهذه الاستدراكات في فضيلة تذكر، أو منقبة تسجل، فإن هي ما قام به الباحث من جمع ما تناثر من نفائس مخطوطات المملكة العربية السعودية، وهي ن الوفرة والجلالة بمكان، فإن هذا الباب غفل عنه فؤاد سزكين تماماً باستثناء تسجيلات يسيرة لنفائس ما حوته مكتبتي المحمودية وعارف حكمت بالمدينة المنورة اقتبسها من غيره. بالإضافة إلى هذه المزية فإن هناك واحدة أخرى تجسدت في لفت الباحث الأنظار إلى الكنوز العلمية النفيسة من المخطوطات في فن الحديث الشريف وغيره التي تحتويها هذه البلاد المباركة، حيث حرص الباحث على الاطلاع على الذخائر من الأصول الخطية التي حوتها مؤسساتها العلمية وخرج بحصيلة أغنت عمله هذا وأغزرت فوائده.وقد حرص الباحث في هذه الاستدراكات السير وفق منهج الأصل الذي استدرك عليه هذه الإضافات، مؤثراً اقتفاء أثره فيما نحاه وهو التالي: أولاً: بالنسبة للمرحلة الزمنية التي غطاها عمل سزكين في علم الحديث، حيث بلغ به منتصف القرن الخامس الهجري، أما في سائر الفنون الأخرى فهو تتبع الفترة الزمنية الممتدة من عصر الخلفاء الراشدين إلى حوالي سنة 430هـ وعلى هذا فإن الباحث مضى في استدراكاته الحديثية "هذه ووصل إلى حيث انتهى سزكين فبلغ بها منتصف القرن الخامس الهجري على غرار صاحب الأصل. ثانياً، عقد الباحث في هذا المستدرك "لبعض المصنفين ترجمة لمن لم يترجم لهم سزكين، ولم يذكر في ترجمته إلا المفقود. وهذا الحكم موجه أساساً إلى مواد المجلد الأول المشتمل على علوم القرآن، والحديث، والتدوين التاريخي، والفقه، والعقائد، والتصوف. أما بقية المجلدات فإن هذا الحكم لا يشملها، فالأمر كما يرى الباحث يحتاج إلى دراسة متأنية للوصول إلى حكم دقيق في هذا وغزارة الموضوع. ويبقى أن الأصل في هذا العمل والمستدرك الذي أعده الباحث الوقوف على التراث الموجود، باعتباره خطوة أولى، ولفت أنظار الباحثين والدارسين إليه، ثم التحرك لجمعه وتيسيره لهم من قبل المؤسسات المختصة.