المال مال الله الذي استخلف به الانسان على الأرض وفوّضه التصرف فيه وفق التشريع الإلهي، فالمال وسيلة وليس غاية أو سبباً، وانفاقه والتصرف فيه يسير على أساس شعارات النظام المالي الاسلامي التي نرى خطوطها واضحة في هذا الكتاب.غير خاف على أحد ما للمال من أثر في حياة البشر، فالكل في حاجة إليه، وقد تختلف هذه الحاجة، كما تختلف الوسيلة والط...
قراءة الكل
المال مال الله الذي استخلف به الانسان على الأرض وفوّضه التصرف فيه وفق التشريع الإلهي، فالمال وسيلة وليس غاية أو سبباً، وانفاقه والتصرف فيه يسير على أساس شعارات النظام المالي الاسلامي التي نرى خطوطها واضحة في هذا الكتاب.غير خاف على أحد ما للمال من أثر في حياة البشر، فالكل في حاجة إليه، وقد تختلف هذه الحاجة، كما تختلف الوسيلة والطريقة في تحصيله وإنفاقه. ولكن الجميع يتعاملون به، فمنهم من يفرط من حبه حتى يكون غرضه الوحيد في الحياة، ومنهم من يزهد فيه لدرجة تخاله معها أنه أمام عدو مبين. وبين هؤلاء وهؤلاء أناس مختلفوا المشارب والنزعات، يتأثرون بالتوجيه الذي يتلقونه بخصوصه، وقد يدرك بعضهم الغرض الحقيقي من تحصيل المال ويعرف الطريقة التي ينفق فيها، ويقدر أنه وسيلة لا غاية، وأنه خير لمن أدى حق الله فيه، وشر لمن تنكب الطريق السوي في جمعه وإنفاقه. وقد أراد المؤلف من الأبحاث التي ينطوي عليها هذا الكتاب، أن يبين نظرة الإسلام إلى المال، وكيف كان فيه منصفاً وواقعياً لا يذمه لذاته، ولا يتخذه غاية، وإنما يكشف عن الغرض من تحصيله وطرق هذا التحصيل، ويحض على إنفاقه، ويبين سبل هذا الإنفاق بشكل يكمل للمتعامل به خيري الدنيا والآخرة.وتوصل إلى بيان أن حسن استعمال هذا المال ووضعه في محله يقضي على الربا، لأن الإنفاق وفقاً للتوجيه الإسلامي لا يقوم أمامه قائم الربا، فهما متضادان لا يلتقيان في ميدان واحد. وإن المصارف الربوية يمكن أن يحل محلها مصارف طاهرة لا شائبة فيها. ومن الضروري جداً لخير الإنسانية أن يرتفع صوت الإسلام شارحاً نظرته إلى المال، هذا العصب الحساس الذي يحرك الأمم ويقيمها ويقعدها، ويفجر الحروب ويدك العروش، ليأخذ حجمه الطبيعي في التقييم، ووزنه العادي عندما تفسر الحوادث فهو مال الله استخلف به الإنسان على الأرض، وهو وسيلة وليس غاية ما بينا، وهو عبد الإنسان المؤمن يستخدمه حيث يجب استخدامه، وليس سيداً للإنسان يسخره في جمعه دون التفات إلى الغاية من اقتنائه، ومن الضروري أن يقف التشريع الإسلامي العملاق، بأمهات مسائله على قدمية منارات للشعوب أمام التشاريع الأخرى الرأسمالية أو المادية التي سخرتها كلها المادة أيما تسخير. ولعبت بها أيما لعب فهوت بها إلى الحضيض.