من اللافت للنظر أن القوانين الوضعية قد أخطأت في تعاملها مع قضية صيانة الأعراض، فمن ناحية تفرض قوانين صارمة لمعاقبة الذين يتحرشون جنسيا، ومن ناحية أخري لا توجد عقوبات للزناة أو لمن يشيعون الفاحشة في المجتمع، حتى امتلأت قلوب وعقول الناس بنار الشهوة التي صارت تدفع أصحابها إلي عدم الاكتراث بالقوانين الوضعية. وللأسف سارت المجتمعات ال...
قراءة الكل
من اللافت للنظر أن القوانين الوضعية قد أخطأت في تعاملها مع قضية صيانة الأعراض، فمن ناحية تفرض قوانين صارمة لمعاقبة الذين يتحرشون جنسيا، ومن ناحية أخري لا توجد عقوبات للزناة أو لمن يشيعون الفاحشة في المجتمع، حتى امتلأت قلوب وعقول الناس بنار الشهوة التي صارت تدفع أصحابها إلي عدم الاكتراث بالقوانين الوضعية. وللأسف سارت المجتمعات الإسلامية العربية خلف المجتمعات الغربية في طريقة تعاملها مع قضية التحرش الجنسي من خلال القوانين الوضعية دون إشارة إلي سلوكيات وملابس المرأة، أو إلي دور السلوك الإسلامي المانع للاختلاط في منع التحرش الجنسي. ولكنهم لم يلتفتوا إلي أنه من السهل أن تفرض القانون ولكن من الصعب أن تقود النفوس للانصياع له، فالنفس البشرية لها حدود، فالرغبات الجنسية إذا لم نحسن التعامل معها، فهي إما تصل بصاحبها إلي الزنا أو إلي التحرش الجنسي، ولما كان الرجل أقوي من المرأة فقد اشتهر أن التحرشات الجنسية تقع فقط من الرجل تجاه المرأة، ولكن الإسلام يفضح النفوس الخبيثة ويبين أن المرأة أيضا قد تمارس التحرش الجنسي كما في قصة امرأة العزيز مع نبي الله يوسف عليه السلام. أما التشريع الإسلامي في محاربته للزنا والتحرش الجنسي، فهو تشريع رباني معجز ينظر للمشكلة بنظرة شاملة ويحلها بالحل الشامل الذي يعلم حقيقة النفس البشرية، فالإسلام تعامل مع هذه المشكلة بالترهيب من العقوبة المشددة، وبالوقاية من خلال التربية الإسلامية الصحيحة التي تقنن الشهوة ولا تكبتها، فتشجع علي الزواج وتمنع العلاقات الجنسية غير المشروعة. و لله الحمد والمنة علي شرعه الحنيف، فقد جاءت أبحاث الغرب العلمية تشهد بإعجاز الإسلام في تعامله مع الزنا والتحرش الجنسي من خلال الفصل بين الجنسين حتى لا يضع النار بجوار البنزين، فالفصل بين الجنسين هو من أسمي سبل الحماية للرجل والمرأة علي السواء من الوقوع تحت وطأة ضغوط الشهوة الجنسية وما تسببه من آلام نفسية وعدم قدرة علي الإبداع، بالإضافة إلي شيوع الزنا والتحرشات الجنسية. بعض هذه الأبحاث يناقش دور الفصل بين الجنسين في تحسن التحصيل العلمي وشيوع المدارس ذات الجنس الواحد في الكثير من البلدان الغربية. ومنها ما يثبت شيوع الزنا والتحرش في أماكن العمل والدراسة المختلطة، مما أدي إلي زيادة نسبة الحمل في سن المراهقة بدرجة كارثية. كما خرجت أبحاث علمية تثبت أن الرجال يفقدوا عقولهم في وجود النساء مما يؤثر بالسلب علي أداء أعمالهم. ولكن الدراسات السابقة تركز أكثر علي حال الرجال في وجود النساء دون وصف الحالة العقلية للمرأة في وجود الرجال، وكأن الرجال وحدهم هم من يتأثرون جنسيا بالمرأة وأن ذلك لا يحدث للمرأة. وهذا يضعنا أمام إشكال في فهم النصوص الإسلامية التي تأمر المرأة بغض البصر وحفظ الفرج ومخاطبة الر جل من وراء حجاب، ومساواتها في العقوبة مع الرجل في جريمة الزنا بما يدل علي أنها تتأثر نفسيا بالرجل مثل تأثر الرجل بالمرأة وبالتالي تكون مشاركة له في الجريمة ومستحقة لعقوبة مساوية. وبالبحث العلمي المتأني وجدت أن هناك أبحاث علمية حديثة بدأت تنفي هذه الشائعة وتقول أن النساء يتأثرن بالرجال مثل تأثر الرجال بالنساء بل وربما في بعض الأحيان يكون تأثر المرأة أكبر، وهذا ما يجعل للإسلام السبق العلمي في مساواته بين الرجل والمرأة في قضية غض البصر وحفظ الفرج وعقوبة الزنا. و عليه فهذه الأبحاث تكشف صدق ديننا الداعي إلي غض البصر والبعد عن الاختلاط، كما تكشف كذب وافتراء الداعين إلي الاختلاط الجنسي بدعوي التحرر والصداقة، والقدرة علي التحكم في شهواتهم، حيث أن ميل أحد الجنسين إلي الآخر هو من الأمور الجبلية التي زرعها الله في الإنسان للحفاظ علي الجنس الإنساني.