كانت دراسة العقيدة القومية الإجتماعية والخطاب القومي الحامل لمنهجها وأفكارها دراسة صحيحة كانت الشغل الشاغل للدكتور محمد معتوق الذي جاء رحيله مبكراً عن هذا العالم.كانت هذه الدراسة شغله الشاغل خصوصاً بعد عودته إلى الوطن وإنخراطه في العمل الحزبي، من بابه الواسع، حيث شغل منصب عميد الثقافة في الحزب، مكرساً جهده وجهاده، على الصعيد الف...
قراءة الكل
كانت دراسة العقيدة القومية الإجتماعية والخطاب القومي الحامل لمنهجها وأفكارها دراسة صحيحة كانت الشغل الشاغل للدكتور محمد معتوق الذي جاء رحيله مبكراً عن هذا العالم.كانت هذه الدراسة شغله الشاغل خصوصاً بعد عودته إلى الوطن وإنخراطه في العمل الحزبي، من بابه الواسع، حيث شغل منصب عميد الثقافة في الحزب، مكرساً جهده وجهاده، على الصعيد الفكري والبحثي والأكاديمي الجامعي، لإطلاق هذه المهمة الجليلة على أوسع نطاق، بعدما تكشف له ما أصاب الفكر القومي من ترهل وتشويه ولفظية فارغة أظهرته على الملأ كأنه يصدر عن عقيدة ميتة، لا روح فيها، ولا رجاء منها، حتى قال قائل - شامتاً - إن العصر تخطاه وتجاوزه كما تخطى وتجاوز سواه من الأفكار والعقائد والأيديولوجيات، وأصحابها!.لقد رأى الدكتور معتوق إن هذا الفكر العظيم والقضية الناشئة والمعبرة عنه، في آن معاً، يحتاج إلى قراءة أكثر جدية وأكثر عقلانية وأكثر شمولية، قراءة تميز بين "سعادة" صاحب الدعوة إلى القومية السورية الإجتماعية، و"سعادة" الإنسان والعالم والفيلسوف، فتطلق العقل القومي الإجتماعي من "مقال التقليد والإجترار" الذي بقي يتخبط فيه، منذ إستشهاد "سعادة" ولا يزال، قراءة تسلط الضوء على أفكار رئيسه في فكر "سعادة" القومي والإنساني، السياسية والإقتصادية والفلسفية، لا تزال خافية على أتباعه وخصومه ودارسيه، فلا يبقى هذا الفكر العظيم "حلقة مغلقة أو شبه مغلقة" ولا يبقى خطابه "ذا نبرة متعالية" لا يجتذب إلا "اللامنتمين"، في حين تصم آذانها عنه إمكانيات كبيرة هو أولى بإحتضانها ورعايتها والإفادة منها.وفي مراجعته النقدية لتجربة الحزب السوري القومي الإجتماعي بعد إستشهاد مؤسسه، تأكد لمحمد معتوق، بما لا يقبل الشك، أن هذا الحزب هو "أبعد ما يكون" عن تحقيق أغراضه، مفضلاً عن ضمور فكره، كما سبقت الإشارة، بعامل "التناقض" في فهمه، من جهة، وإنعدام الإنتاج الحقيقي في الأدب والفن والفلسفة والسياسة والإقتصاد، من جهة ثانية، فإن هذا الفكر ينفعل بالحوادث الجارية ولا يفعل فيها، متماهياً، أحياناً، مع أطروحات خارجة عن مرتكزاته الأساسية، وذلك لتبرير تحالفات سياسية أو مصلحية لا تخدم كلها القضية القومية؛ ثم إن المؤسسات التي أنشأها سعاده واعتبرها "أعظم أعماله" بعد تأسيس القضية القومية، تسجل، برأيه، تراجعاً كبيراً في مهامها، حتى أصبحت اليوم، مجرد مطية لمجموعة من الوصوليين والإنتهازيين الذين يسخرونها، بوقاحة، لتحقيق مآربهم الخصوصية، من دون أي إعتبار لغايتها العظيمة ألا وهي: بعث نهضة قومية تعيد إلى سورية حيويتها وقوتها، وتثبيت سيادتها، وإقامة نظام جديد يؤمن مصالحها، والسعي لإنشاء جبهة عربية واحدة تشترك فيها أمم العالم العربي كافة.إن تجديد الفهم للعقيدة القومية وللخطاب القومي الإجتماعي بات مطلباً رئيساً، بل حاجة قومية بإمتياز أكّدها محمد معوق في مجموعة هذه المقالات والدراسات المنشورة في هذا الكتاب، لكي تتمكن الحركة القومية الإجتماعية التي أخذت على عاتقها حماية المصير القومي العام من إستعادة دورها وفعلها وريادتها في بيئتها الطبيعية وفي محيطها العربي ومداها الحيوي في المتوسط، ولكن يكون لها ذلك ممكناً إلا بــ"تحرير" سعادة من الشرنقة الحزبية التي سجنته فيها ظروف الحزب الداخلية والحوادث الجارية.هذا وإن مجموعة هذه المقالات، كان قد قام الدكتور معتوق بتحريرها في السنوات التي سبقت رحيله المفجع عام 2005، التي تابع فيها التطورات الجارية في المحيط العربي وفي العالم، ومتتبعاً التحولات الهائلة، على صعيد العولمة وثورة المعلومات التي حولت العالم إلى ما يشبه "القرية الكونية" التي هي، مع أهميتها، مجرد ظاهرة، والظواهر "لا تقيم"، بينما المجتمع باقٍ، ولذلك تبقى المعادلة الأساس، برأيه، مجمع أو لا مجتمع!...